الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص148
والثاني : أنه الحيض ، وإن كان قد استبرأها قبل عقد طلاقه ، ففي إجزائه عن استبرائه بعد عقده وجهان :
أحدهما : يجزئ لأنه قد يعلم به براءة الرحم .
والوجه الثاني : أنه لا يجزئ ، لتقدمه على سببه ، كما لا يجزئ استبراء أمة قبل الشراء عن أن يستبرئها بعد الشراء ، وإذا كان كذلك لم يخل حالها بعد الاستبراء من أن تظهر بها أمارات الحمل أو لا تظهر ، فإن لم تظهر بها أمارات الحمل ولا استرابت بنفسها بعد زمان الاستبراء فهي على الزوجية وله وطئها ، وإن ظهر بها أمارات الحمل انتظر به حال الوضع ، ولا يخلو حاله إذا وضعته من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن تضعه لأقل من ستة أشهر من وقت عقده فالطلاق به واقع لعلمنا بوجوده وقت العقد وقد انقضت العدة بانفصاله ، وسواء كان قد وطئها ما بين عقد طلاقه ووضعه أم لا .
والقسم الثاني : أن تضعه لأكثر من أربع سنين من وقت عقده ، فلا طلاق عليه لعلمنا أنه كان معدوماً عند عقده ، والولد لاحق به ، سواء كان يطأ أم لا ، لأنها فراش له .
والقسم الثالث : أن تضعه لأكثر من ستة أشهر ولأقل من أربع سنين ، فلا يخلو حال الزوج من أن يكون قد وطئ في هذه المدة أو لم يطأ ، فإن لم يطأ طلقت ، لعلمنا بوجوده حكماً وقت العقد ، وإن وطئ فلا يخلو أن تضعه قبل ستة أشهر من وطئه ، أو بعدهها ، فإن وضعته قبل ستة أشهر من وطئه فهو حمل متقدم عند العقد ، فالطلاق واقع بوضعه منقضية ، وإن وضعته بعد ستة أشهر من وطئه فقد يجوز أن يكون متقدماً ، ويجوز أن يكون حادثاً ، والطلاق لا يقع بالشك فلا يلزمه الطلاق وجهاً واحداً والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا قالت له واحدة من نسائه طلقني إما لخصومة وتغاير بين الضرائر أو لغير ذلك فقال : نسائي طوالق . فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يرسل هذا القول من غير نية في عزل واحدة منهن ، فيطلقن جميعاً ، السائلة وغيرها ، وقال مالك : لا تطلق السائلة وتطلق من سواها ، استدلالاً بأنها توجهه بالخطاب ، ولو أرادها لقابلها بالمواجهة فلما عدل إلى خطاب غائب خرجت من جملتهن . وهذا خطأ من وجهين :