الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص143
قال الماوردي : لأنه علق بطلاقها بشرط وصفة ، فالشرط قدوم زيد والصفة أن يكون طلاق السنة فوجب أن تعتبر الصفة بعد وجود الشرط فلا طلاق قبل قدوم زيد ، فإذا قدم فقد وجد الشرط فوجب مراعاة الصفة فإن كانت عند قدوم زيد في طهر لم تجامع فيه ، طلقت حال قدومه لوجود الشرط والصفة معاً ، وإن كانت حائضاً أو في طهر قد جومعت فيه ، لم تطلق بوجود الشرط لعدم الصفة حتى إذا صارت في طهر لا جماع فيه ، طلقت بحدوث الصفة بعد وجود الشرط ولا يعتبر اجتماع الصفة والشرط . ولكن لو قال : إذا قدم فلان وأنت من ذوات السنة فأنت طالق ، لم تطلق إلا بقدوم فلان وهي في ظهر لا جماع فيه ، لأنه قد جعل الصفة شرطاً ، وجعل طلاقها معلقاً باجتماع شرطين ، فلم تطلق بوجود أحدهما ولا بانفرادهما .
ولو قال : إذا قدم زيد فأنت طالق ، ولم يعلقه بسنة ولا بدعة ، طلقت بقدومه طاهراً كانت أو حائضاً . لكن إن كانت طاهراً فهو طلاق سنة ، وإن كانت حائضاً فهو طلاق بدعة ، غير أنه لا يأثم به ، لأنه لم يقصده .
ألا ترى أن متعمد وطئ الشبهة آثم ، ومن لم يتعمده غير آثم ، وإذا لم يأثم لم يندب إلى الرجعة كالإثم ، لأن المقصود بالرجعة قطع الإثم ، ولا فرق بين قوله : أنت طالق إذا قدم زيد وبين قوله إن قدم زيد ، أنها لا تطلق إلا بقدوم زيد ، لأنهما جميعاً حرفا شرط . ولكن لو قال : أنت طالق إذا قدم زيد ، وأنت طالق أن قدم بفتح الألف طلقت مكانها ، لأنهما حرفا جزاء عن ماض سواء كان زيد قد قدم أم لا ؟ لأنه إن لم يقدم بطل الجزاء وثبت الحكم .