الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص139
والوجه الثاني : أن الشرط صحيح وتعليق الطلاق به جائز ، ومعنى قوله : إذا حضتما حيضة أي إذا حاضت كل واحدة منكما حيضة فأنتما طالقتان ، والكلام إذا كان مفهوم المعنى وأمكن حمله على الصحة . وإن كان وجه المجاز لم يجز حمله على الإلغاء والفساد ، فإذا حاضت كل واحدة حيضة كاملة طلقت طلاق السنة لوقوعه في أول الطهر وإن حاضت إحداهما دون الأخرى لم تطلق واحدة منهما . وأصل هذه المسألة : اختلاف المتقدمين من أصحابنا وأصحاب أبي حنيفة فيمن قال لامرأتيه إذا ولدتما ولداً فأنتما طالقتان ، فذهب الربيع بن سليمان من أصحابنا . وأبو يوسف من أصحاب أبي حنيفة إلى أنهما لا يلحقهما بالولادة طلاق ؛ لأنه إن ولدت إحداهما لم يكن ذلك منهما وإن ولدتا معاً لم يكن ذلك ولداً ، فلذلك لم تطلق واحدة منهما بولادتها ولا بولادتهما . وذهب أبو إبراهيم المزني ومحمد بن الحسن إلى أن تعليق الطلاق بهما صحيح والمراد به ولادة كل واحدة منهما ، فإذا ولدت إحداهما لم تطلق واحدة منهما ، وإن ولدتا معاً طلقتا .
قال الماوردي : وصورتها في رجل قال لامرأته ؛ أنت طالق ثلاثاً بعضهن للسنة وبعضهن للبدعة ، فالبعض اسم مبهم يجوز أن يطلق على أقل الثلاث وعلى أكثرها ، وعلى العدد الصحيح منها والمكسور . فإذا جعل بعض الثلاث للسنة وبعضها للبدعة لم يخل حاله من ثلاثة أقسام : أحدها : أن يقدر بلفظه .
والثالث : أن يقدر بنيته ، فإن أطلق ولم يقدر بلفظه ولا بنيته اقتضى إطلاق التسوية بين البعض وإن لا يفضل أحدهما على الآخر ، كما لو أقر بدار لرجلين كانت بينهما من غير تفضيل ، لأنه ليس تفضيل أحدهما بالزيادة بأولى من تفضيل الآخر . فلذلك وجب التسوية بينهما . وأن يكون كل واحد من البعضين طلقة ونصفاً ، فيجعل البعض الواقع في الحال طلقة ونصفاً . والطلاق لا يتبعض بل يكمل فوجب أن يقع في الحال طلقتان ، فإن كانت الحال الأولى حال السنة ، كانت الطلقتان للسنة ، ووقعت