الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص133
قال الماوردي : وصورتها في رجل قال لامرأته : أنت طالق ثلاثا في كل قرء واحدة فقد صرح بتفريق الثلاث في ثلاثة أقراء ، فلا يقعن إلا هكذا ، فإذا كان كذلك فلا يخلو حال المرأة من أحد أمرين . إما أن تكون من أهل السنة والبدعة ، أو لا تكون منهن . فإن كانت من أهل السنة والبدعة فلا يخلو حالها من أن تكون حائضاً أو طاهراً ، فإن كانت حائضاً لم تطلق في حال حيضها حتى إذا طهرت طلقت في أول طهرها ؛ لأنه أول زمان السنة . فإذا حاضت الحيضة الثانية ودخلت في أول الطهر الثاني طلقت طلقة ثانية ، سواء راجع بعد الأولى أو لم يراجع . فإذا حاضت الحيضة الثالثة ودخلت في أول الطهر الثالث ، طلقت طلقة ثالثة ، سواء راجع بعد الثانية أو لم يراجع .
فأما العدة فإن لم يكن قد راجعها بنت على عدة الطلقة الأولى ، فإذا انقضى الطهر الثالث بدخول الحيضة الرابعة فقد انقضت عدتها وحلت للأزواج ، وإن راجعها لم يخل حاله بعد الرجعة من أن يطأها فإن وطئها استأنفت العدة بعد الطلقة الثالثة التي بعد رجعته ووطئه ويكون ذلك الطهر الذي وقعت فيه الطلقة الثالثة قرءاً واحداً فتأتي بعده بقرأين ، وإن لم يطأها بعد رجعته ، فهل تبني على العدة أو تستأنفها على قولين :
أحدهما : أنها تبنى على عدة الطلقة الأولى ، لأن الرجعة قد بطلت بما تعقبهما من الطلاق .
والقول الثاني : أنها تستأنف العدة من الطلقة الثالثة ؛ لأن الرجعة قد أبطلت ما تقدمها من الطلاق .
فأما إذا كانت عند الطلاق طاهراً طلقت في الحال واحدة ، لأن بقية هذا الطهر قرء . وسواء كان قد وطئها في هذا الطهر أم لا ، لأن طهر الجماع قرء يقع به الاعتداد كما تعتد بطهر ليس فيه جماع . إلا أن الطلقة في طهر الجماع تكون بدعية .
وفي طهر غير الجماع تكون سنية ، وهو إنما علق الطلاق بالقرء لا بالسنة فلذلك روعي ما يكون قرءاً وإن لم يكن الطلاق فيه للسنة ، فإذا وقعت الطلقة الأولى في الطهر الأول لم يحل له جماعها إن لم يراجعها وإن راجعها فيه حل له جماعها فهي بقية طهرها فإذا حاضت حرم عليه جماعها في الحيض ، فإذا دخلت في أول الطهر الثاني طلقة ثانية وحرم عليه جماعها فيه إن لم يراجعها ، وإن راجعها فيه حل له جماعها في بقيته فإذا حاضت الحيضة الثانية ، حرم عليه جماعها في حيضها ، فإذا دخلت في الطهر الثاني طلقت ثالثة وحرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره .