الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص132
ولو قال ؛ أنت طالق طلقتان للسنة والبدعة احتمل وجهين :
أحدهما : أن يجعل إحداهما للسنة والأخرى للبدعة إثباتاً لحكم الصفتين ، لأنه إذا أمكن اجتماعهما لم يسقطا .
والوجه الثاني : أن تلغى الصفتان ويعجل إيقاع الطلقتين ، لأن الظاهر من الصفتين عودهما إلى جميع الطلقتين ، فلم يجز أن يفيد المطلق كما لم يجز أن يطلق المقيد .
وقال أبو حنيفة ومالك : يتفرق الثلاث في ثلاثة أطهار ، ولا يقعن في طهر واحد ، لأن السنة والبدعة عندهما في الطلاق وفي عدده وقد مضى الكلام معهما ) .
فعلى هذا لو قال : أردت أن يتفرقن في ثلاثة أطهار فيقع في كل طهر واحدة لقول أبي حنيفة ومالك ، فهذا محتمل وهو مخالف للظاهر ، فلا يقبل منه في ظاهر الحكم ويقبل منه فيما بينه وبين الله تعالى ، فيدين فيه فلا يقع في باطن الحكم إلا على ما نوى ، وإن وقع في ظاهر الحكم معجلاً ، وهكذا لو قال لها : أنت طالق ثلاثاً ثم قال : أردت للسنة ، فإن كانت الحال وقتاً لطلاق السنة طلقت في الحال ثلاثا للسنة . في ظاهر الحكم وباطنه ، وإن كانت الحال وقتاً لطلاق البدعة . فقد ذكر محتملاً يخالف ظاهر الإطلاق ، فيقع الطلاق معجلاً في ظاهر الحكم اعتباراً بظاهر الطلاق ، ولا يقع في باطن الحكم وفيما بينه وبين الله تعالى إلا على ما نوى من طلاق السنة إذا جاء زمان السنة ، ولو قال : أنت طالق ثلاثاً للسنة ثم قال سبق لساني بقول السنة وإنما أردت طلاق الثلاث على الإطلاق قبل منه وقع الطلاق الثلاث سواء كان للسنة أو للبدعة ، لأنه وإن خالف ظاهر لفظه فهو أغلظ عليه وأضربه . ومن يبين الأخف بالأغلظ قبل منه ظاهراً وباطناً ، ومن بين الأغلظ بالأخف لم يقبل منه الظاهر . وإن قبل منه في الباطن إذا كان محتملاً .