الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص125
وقال آخرون من أصحابنا : إن رواية نافع أصح وأثبت ، وإنما حذف سالم ويونس ذكر الطهر الثاني اختصاراً .
فإن قيل : فإذا كانت رواية نافع أصح فلم أذن له أن يطلق في الطهر الثاني ولم يأذن له أن يطلق في الطهر الأول وهما في الحكم سواء .
قيل : قد أجاب أصحابنا عن هذا بأربعة أجوبة :
الأول : أنه لما كان طلاق ابن عمر في الحيض موجباً لتطويل العدة عليها قابله رسول الله ( ص ) على طريق العقوبة له بتطويل الرجعة إلى الطهر الثاني وإن جازت في الطهر الأول .
والجواب الثاني : أنه لما أوقع ابن عمر الطلاق في غير زمانه قابله رسول الله ( ص ) باستدامة الرجعة بعد زمانها .
والجواب الثالث : أن رسول الله ( ص ) أحب أن تتحقق رجعته ويقوي حكمها بالوطء فيها . وزمان الوطء بعدها هو الطهر الأول . فإذا وطئ فيه خرج إيقاع الطلاق فيه . وكان طلاق بدعة فلذلك لم يأذن له أن يطلق فيه ، وأذن له أن يطلق في الطهر الثاني .
والجواب الرابع : أن رسول الله ( ص ) أحب أن يكمل الاستبراء بعد الرجعة وكماله يكون بطهر بعد حيضة كاملة .
والطهر الأول لم يكن بعد حيضة كاملة ؛ لأن الطلاق كان في بضاعتها وإنما الطهر الثاني بعد حيضة كاملة فلذلك جعل له أن يطلق فيه ، والله أعلم بالصواب .
قال الماوردي : أعلم أن النساء ضربان :
ضرب لا سنة في طلاقهن ولا بدعة وضرب يتعلق بطلاقهن حكم السنة والبدعة . فأما اللاتي لا سنة في طلاقهن ولا بدعة فأربع .
إحداهن : الصغيرة التي لم تحض . والثانية التي قد يئست من الحيض . والثالثة الحامل . والرابعة غير المدخول بها ، وقد ذكرنا المعنى في أن لا سنة في طلاقهن ولا بدعة مع المختلعة التي وإن كانت بالحيض والطهر من أهل السنة والبدعة ، فقد صرف الخلع طلاقها عن أن تكون لسنة أو بدعة .