الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص124
والثاني أن قوله : ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك ترجع المشيئة إلى جمع المذكور من الرجعة والطلاق . وما رد إلى مشيئة فاعله لم يجب . وأما استدلاله بأن فيه استدراكاً لمواقعة المحظور . فالمحظور هو وقوع الطلاق . والطلاق الواقع لا يستدرك بالرجعة وإنما يقطع تحريمه .
ثم الزمان الذي يستحق فيه الرجعة مقدر ، وإن كان الشافعي قد أطلقه . فإن طلقت في الحيض كان الأمر بارتجاعها ما كان حيضها باقياً ، فإن طهرت من تلك الحيضة التي طلقت فيها سقط استحباب الرجعة وكانت إلى خياره ، لأنها قد صارت في طهر لا يحرم عليه طلاقها فيه فلم يؤمر بارتجاعها فيه .
وإن طلقت في طهر قد جومعت فيه كان مأموراً بارتجاعها في بقية طهرها وفي الحيضة التي بعد طهرها ، فإن راجعها في هذا الحال فقد أتى بما أمر به وندب إليه ، وإن لم يراجعها حتى دخلت في الطهر الثاني الذي لا يحرم عليه طلاقها فيه سقط ما كان مندوباً إليه من الرجعة وكانت إلى خياره .
ورواه سالم ويونس بن جبير عن ابن عمر أن النبي ( ص ) قال مره فليراجعها حتى تحيض ثم تطهر ثم إن شاء طلق بعد وإن شاء أمسك فتلك العدة التي أمر الله تعالى أن يطلق لها الله النساء . فخالف نافع لسالم وليونس في زيادة طهر ؛ لأن رواية سالم حتى تحيض ثم إن شاء طلق فأذن له أن يطلق في الطهر الأول بعد الحيضة التي طلق فيها وهذا صحيح .
وفي رواية نافع . حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء طلق . فأذن له أن يطلق في الطهر الثاني دون الأول . والطلاق في الطهر الأول كالطلاق في الطهر الثاني فاختلف أصحابنا في أي الروايتين أثبت وأصح .
فقال بعضهم : الأصح رواية سالم ويونس . فأما نافع فوهم في زيادة الطهر الثاني ؛ لأن حكم الطلاق في الطهر الأول كحكم الطلاق في الطهر الثاني .