الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص122
الله ( ص ) وأيام أبي بكر وصدر من خلافة عمر واحدة فقال عمر : قد استعجلتم في أمر كان لكم فيه أناة . وجعله ثلاثا .
فمن قال لامرأته أنت طالق أنت طالق أنت طالق فإنه إن أراد بالثانية والثالثة طلقت واحدة . وإن أراد الاستئناف طلقت ثلاثاً .
وإن لم يكن له إرادة فعلى قولين :
أحدهما : قاله في الإملاء تطلق واحدة .
والثاني : قاله في ( الأم ) تطلق ثلاثاً .
فعلم عمر أنهم كانوا يريدون به التأكيد فتكون واحدة ، ثم صاروا يريدون به التأكيد فجعلها ثلاثاً . وإنما حملناه على هذا الاحتمال مع بعده ؛ لأن عمر لا يجوز أن يخالف رسول الله ( ص ) في شيء عمله من دينه . ولو خالفه لما أقرته الصحابة على خلافة .
ألا تراه يقول ؛ لا تغالوا في صدقات النساء فلو كانت مكرمة لكان أولاكم بها رسول الله ( ص ) ، فقامت إليه امرأة فقالت : يعطينا الله وتمنعنا يابن الخطاب قال الله تعالى : ( وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً ) [ النساء : 20 ] فقال عمر : كل الناس أفقه من عمر حتى امرأة ليفعل الرجل بماله ما شاء . وهم أن يخالف بين ديات الأصابع حتى ذكر له عن النبي ( ص ) أنه قال : في اليدين الدية وفي أحدهما نصف الدية وفي كل إصبع مما هنالك عشر من الإبل . فرجع عما هم به وسوى بين دياتها .
وأما استدلالهم بما رووه عن ابن عمر انه طلق امرأته ثلاثاً ، فأمره النبي ( ص ) بمراجعتها فلا يعرفه أهل الحديث . وإنما الخبر أنه قال أرأيت لو طلقتها ثلاثاً فقال كنت قد أبنت امرأتك وعصيت ربك .
ولو صح لكان محمولاً على انه طلقها ثلاثا في ثلاثة أوقات . فأمره بالرجعة في إحداهن بل قد روي أنه طلقها واحدة على عهد رسول الله ( ص ) ثم طلقها ثانية على عهد أبي بكر ، ثم طلقها ثالثة في زمن عمر . فضبط الرواة طلاقه على ما ذكرنا . فاقتضى أن يكون رواية من أطلق محموله على هذا البيان والله أعلم بالصواب .
قال الماوردي : فقد ذكرنا أن طلاق البدعة طلاقان :
أحدهما : الطلاق في الحيض .