الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص118
من ندمه فإن طلقها ثلاثاً في وقت واحد وقعت الثلاث ولم تكن محرمة ولا بدعة والسنة والبدعة في زمان الطلاق لا في عدده .
وبه قال من الصحابة الحسن بن علي وعبد الرحمن بن عوف .
ومن التابعين ابن سيرين ومن الفقهاء أحمد بن حنبل .
وحكي عن السبعة وعن داود بن علي وطائفة من أهل الظاهر أن طلاق الثلث لا يقع . فاختلف القائلون بهذا هل يكون واحدة أم لا ؟ فقال المغربي : تكون واحدة ، وقال آخرون : لا يقع منهن شيء .
وقال أبو حنيفة : طلاق الثلاث واقع لكنه حرام مبتدع .
وبه قال من الصحابة عمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن مسعود ، ومن الفقهاء مالك والعراقيون .
واستدل من منع من وقوع الطلاق الثلاث بأن الله تعالى فرق طلاق الثلاث بقوله : ( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) فلم يجز أن يجمع ما أمر بتفريقه ؛ لأنه ارتكاب ما نهى عنه . وما حرم من الطلاق لا يقع كالمراجعة .
وبما رواه عبد الله بن عباس قال : كان الطلاق الثلاث على عهد رسول الله ( ص ) وأيام أبي بكر . وصدر من أيام عمر واحدة . فقال عمر : قد استعجلتم في أمر كان لكم فيه أناة . وجعله ثلاثاً .
فلا يجوز لعمر أن يخالف شرعاً ثبت على عهد رسول الله ( ص ) . وقد ارتفع النسخ بموته .
وبما رووه عن معاوية بن عمار عن أبي الزبير عن ابن عمر أنه طلق امرأته ثلاثاً في الحيض فاستفتى رسول الله ( ص ) فأمره أن يراجعها . فإذا طهرت فليستقبل بها العدة إن شاء طلق وإن شاء أمسك . وهذا نص .
فتضمنت هذه الآية تفريق الطلاق في الأطهار من وجهين : أحدهما : قوله تعالى : ( وأحصوا العدة ) وإحصاؤها إنما يكون انتظاراً لوقوع الطلاق فيها .