الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص117
كذلك النهي عن الطلاق في الحيض ، إنما هو لأجل تطويل العدة لا لأجل الحيض ، فلم يمنع النهي عنه من وقوع الطلاق فيه .
فأما استدلاله بالآية فنصها يوجب وقوع الطلاق في العدة ، ودليلها يقتضي أن لا يقع في العدة ، لكن إذا عارض دليل دليل الخطاب بعد صرفه عن موجبه ، وقد عارضه من حديث ابن عمر ما يوجب صرفه عن موجبه .
وأما استدلالهم بقول ابن عمر فردها علي ولم يره شيئا فضعيف لتفرد أبي الزبير به ومخالفة جميع الرواة فيه مع أن قوله لم يره شيئا يحتمل أنه لم يره إثما ، ولم يره شيئاً لا يقدر على استدراكه ، لأنه قد بين أنه يستدرك بالرجعة . وأما استدلالهم بالنكاح ، فالفرق بين النكاح حيث بطل بعقده في حال التحريم وبين الطلاق حيث أمره بإيقاعه في حال التحريم ، أن الطلاق أوسع حكماً وأقوى نفوذاً من النكاح لوقوع الطلاق مباشرة وسراية ، ومعجلاً ومؤجلاً .
وعلى غرر لا يصح النكاح على مثله ، فجاز أن يقع في وقت تحريمه وإن لم يصح عقد النكاح في وقت تحريمه .
وأما استدلالهم بالوكيل فالجواب عنه أن الوكيل إذا خالف الإذن زالت وكالته وليس يرجع بعد زوالها إلى ملك فرد تصرفه .
والزوج إذا خالف رجع بعد المخالفة إلى ملك فجاز تصرفه .
قال الماوردي : وهذا كما قال لا يملك من عدد الطلاق أكثر من ثلاث ، لما قدمناه من قول الله تعالى : ( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) .
فإذا أراد أن يطلق ثلاثاً فالأولى والمستحب أن يفرقها في ثلاثة أطهار ، فيطلق في كل طهر واحدة . ولا يجمعهن في طهر ليخرج بذلك من الخلاف وليأمن به ما يخافه