پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص109

حق الله تعالى في التحريم بالطلاق ، وبين حق الآدميين في استحقاق العوض ، فيكون في وجوب الحكم بينهما والتزمهما قولان .

والضرب الثاني : أن يكونا على دينين أحدهما يهودي ، والآخر نصراني ، فقد اختلف أصحابنا على وجهين :

أحدهما : أن يكون كالدين الواحد ، لأن الكفر كله ملة واحدة ، فيكون لزوم الحكم بينهما على ما مضى من الأقاويل الثلاثة .

والوجه الثاني : أنهما يتميزا باختلاف الدينين عن المتساويين فيه ؛ لأنهما في التساوي متفقان على حكم دينهما ، فأقرا عليه ، وفي الاختلاف غير متفقين فوجب العدول بهما إلى دين الحق وهو الإسلام ، قطعاً للتنازع في الباطل ، فعلى هذا يجب على الحاكم أن يحكم بينهما ويؤخذ جبراً بالتزام حكمه ، فأما إذا كان الحكم بين مسلم وبين ذمية أو معاهد فواجب على حاكمنا أن يحكم بينهما ويأخذها جبراً بالتزام حكمه سواء كان المسلم ظالماً أو مظلوماً لقول النبي ( ص ) ( الإسلام يعلو ولا يعلى ) وقال ( ص ) ( انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً ) فقال رجل يا رسول الله أنصره مظلوماً فكيف أنصره ظالماً قال ( ترده عن ظلمه ) .

( فصل : )

لا يجوز لولي الصبي والمجنون من أب ولا غيره أن يطلق عنه ، ولا يخالع فإن طلق لم يقع طلاقه ، ولم يصح خلعه .

وقال الحسن وعطاء : يجوز أن يطلق بعوض وبغير عوض ، لأنه لما جاز لوليه أن يملكه للبضع بالنكاح جاز له أن يزيل ملكه عنه بالطلاق كالمال . وقال الزهري ومالك : يجوز أن يطلق عنه بعوض ، ولا يجوز أن يطلق عنه بغير عوض ؛ لأن طلاقه بعوض كالبيع بغير عوض كالهبة ، ولوليه أن يبيع ماله ، وليس له أن يهبه .

ودليلنا قول النبي ( ص ) ( الطلاق لمن أخذ بالساق ) معناه إنما يملك الطلاق من ملك الأخذ بالساق ، يعني البضع ، والولي لا يملك البضع ، فلم يملك الطلاق ، ولأن كل من لم يملك البضع لم يملك بنفسه الطلاق كالأجنبي والوكيل في الطلاق لا يملك بنفسه ، وإنما يملك إيقاعه موكله .

فأما الجواب عن استدلال الحسن وعطاء بالنكاح فهو أن النكاح تمليك فصح من الولي ، كما يصح منه قبول الهبة ، والطلاق إزالة ملك فلم يصح من الولي كما لا يصح منه بذل الهبة .