الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص107
قال الماوردي : وهو كما قال خلع المشركين جائز كالمسلمين ، لأنه عقد معاوضة كالبيع ، ولأنه حل نكاح كالطلاق ، ولا يخلو حال العوض فيه من أن يكون حلالاً أو حراماً ، فإن كان حلالاً يجوز أن يختلع به الزوجان المسلمان من الدراهم والدنانير ، وما كان معلوماً من العروض والسلع صح خلعهما به ، فإن ترافعا إلينا أمضيناه قبل القبض وبعده ، وإن كان حراماً من خمر أو خنزير ، فإن لم يترافعا إلينا فيه أقر عليه من غير اعتراض عليهما لاستهلاكهما ذلك في شركهما ، فكان عفواً قال الله تعالى : ( يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا ) [ البقرة : 278 ] فعفى عما مضى ، وحرم ما بقي ، وإذا كان كذلك فقد لزمه الطلاق بائنا وبرئت من العوض بالقبض .
والقسم الثاني : أن يترافعا إلينا قبل قبضه ، فلا يجوز لحاكمنا أن يحكم في خلعهما بإقباض خمر أو خنزير لقول الله تعالى : ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم ) [ الشورى : 15 ] وإذا كان كذلك أوقع الطلاق بائنا ، وأبطل الخمر والخنزير ، وحكم عليها للزوج بمهر مثلها ، لأن فساد الخلع بالخمر والخنزير يوجب الطلاق بمهر المثل .
والقسم الثالث : أن يترافعا إلينا بعد أن تقابضا بعضه ، وبقي بعضه ، فالطلاق واقع بائناً ، ويمضي من الخلع ما تقابضاه ، ويبطل منه ما بقي ، ويحكم فيه بقسطه من مهر المثل ، كأنه خالعها على عشرة خنازير ، فاقبضته منها خمسة ، وبقي منها خمسة ، فقد برئت من نصف البدل ، وبقي عليها نصف مهر المثل ، فلو كان قد خالعها على عشرة خنازير وعشرين زقاً من خمر ، وتقابضا الخنازير وبقي الخمر فقد اختلف أصحابنا في تمييز الجنسين وتساويهما على وجهين :
أحدهما : أنهما يتميزان في الحكم لتميزها في الجنس ، فعلى هذا يغلب اعتبار