الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص102
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا خالعت المريضة زوجها صح خلعها فإن خالعت بمهر المثل فما دون كان من رأس مالها ، وأصل تركتها وإن خالعته بأكثر من مهر المثل كان الزيادة على مهر المثل محاباة تعتبر من الثلث كالوصايا ، وقال أبو حنيفة جميع ما تخالع به المريضة معتبر في الثلث كالوصايا قليلاً كان أو كثيراً استدلالاً بأن خروج البضع من ملك الزوج لا قيمة له بدليل انه لو طلق في مرضه لم يعتبر من ثلثه ، فإذا بذلت له الزوجة مالاً في مرضها على ما لا قيمة له في خروجه من ملكه وجب أن يكون معتبراً من ثلثها كالهبة ، ولأن أجنبيا لو خالع عنها من ماله كان جميع ما بذله من ثلثه ، ولو كان في مقابلة مال لكان من أصل ماله كذلك إذا كانت هي الباذلة ولأن في الخلع ضرراً يدخل عليها من وجهين :
أحدهما : ما بذلته من مالها .
والثاني : ما أسقطته من نفقتها فكان أضر من العطايا وأحق أن يعتبر من الثلث .
ودليلنا هو أنه مال بذله أحد الزوجين في مقابلة البضع ، فوجب أن يكون مهر المثل فيه معتبراً من أصل المال كالنكاح ، ولأنه عقد معاوضة يصح مؤجلاً ومعجلاً فوجب أن يكون عوض المثل من أصل المال كالبيع .
وقولنا يصح معجلاً ومؤجلاً احترازاً من الكتابة ، ولأن خلع الزوج توفيراً على الورثة في سقوط ميراثه ، وهو في الأغلب أكثر مما بذلت فكان ما أفادهم سقوط ميراثه أولى أن يكون من رأس المال .
فأما الجواب عن استدلاله بأن البضع لا قيمة له في ملك الزوج فمن وجهين :
أحدهما : أن ما لا قيمة له لا تجوز المعاوضة فيه كالحشرات ، ولما جازت المعاوضة على البضع في ملك الزوج بالخلع دل على أن له قيمة كسائر الأموال .
والجواب الثاني : أنه لو كان له زوجة صغيرة أرضعتها زوجة له كبيرة حتى حرمت عليه لزمها مهر المثل عندنا سواء قصدت التحريم أو لم تقصد ، فعند أبي حنيفة إن قصدت التحريم ، ولو لم يكن البضع مالاً للزوج لما لزمها له غرم قيمته .
وأما استدلاله بالأجنبي فالمعنى فيه انه لم يملك البضع الذي في مقابلة ما بذله