الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص89
فإن قيل : فهلا كان إنكار الزوجة للخلع مانعاً من وقوع الطلاق عليها ، كما كان إنكار المشتري للشراء مانعاً من ثبوت الملك له ، والبائع مقر له بالملك ، كما أن الزوج مقر له بالطلاق .
قيل : لأن للزوج أن ينفرد بوقوع الطلاق فلزمه الطلاق بإقراره ، وليس للبائع أن ينفرد بتمليك المشتري ، فلم يلزمه التمليك بإقراره ، فلو عادت الزوجة بعد الإنكار واليمين فاعترفت للزوج بما ادعاه من العوض لزمها دفعه إليه ، ولو عاد الزوج فصدقها على أنه لم يكن خالعها ولا طلقها ، لم يقبل قوله في رفع الطلاق ، ولا في سقوط الرجعة ، لأن من أقر بالتحريم قبل منه ، ومن رجع عنه لم يقبل منه .
قال الماوردي : وهذا كما قال : التوكيل في الخلع جائز لقول الله تعالى : ( فابعثوا حكما من أهله وحكماً من أهلها ) [ النساء : 35 ] . وقد ذكرنا أن للحكمين أن يخالعا فدل على جواز التوكيل في الخلع .
ولأن عقد الخلع جامع بين الطلاق والبيع ، والتوكيل جائز في كل واحد منهما فجاز فيما جمعهما .
ولأن عقد النكاح أغلظ من رفعه بالخلع والتوكيل في النكاح جائز فأولى أن يجوز في الخلع ، وإذا كان ذلك جائز جاز أن توكل الزوجة دون الزوج ، وأن يوكل الزوج دون الزوجة ، لأن الزوجة في الخلع بمنزلة المشتري في البيع ، والزوج بمنزلة البائع ويجوز في البيع أن يوكل المشتري دون البائع ويوكل البائع دون المشتري ، فإذا تقرر جواز توكيل كل واحد من الزوجين في الخلع فصفة الوكيلين تختلف ، لأن وكالة الزوجة في معاوضة محضة ، ووكالة الزوج في معاوضة وطلاق والشروط المعتبرة في وكالتهما تنقسم في حق الوكيلين أربعة أقسام :