الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص80
والأمر على ما قاله المزني ، وإنما ذكره الشافعي ها هنا أحد القولين ، وفي كل واحدة من مسألة الخلع والصداق قولان فهما سواء والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا خالعه أجنبي على طلاق زوجته ، فإن كان بإذنها صح ، وكان وكيلاً لها على ما سنذكره ، وإن كان الأجنبي قد خالع بغير إذن الزوجة بمال في ذمته فقال له : طلق زوجتك فلانة بألف درهم لك علي ، صح الخلع ووقع الطلاق ، ولزم الأجنبي الألف التي بذلها ، وهو قول الجمهور .
وقال أبو ثور : الخلع باطل ، والطلاق غير واقع فيه ، استدلالاً بأن الخلع عقد معاوضة يملك به البضع ، والبضع لا يجوز أن يملكه بالعوض ، إلا زوج بنكاح أو زوجة بخلع ، فلما لم يملكه الأجنبي كالخلع ولا الزوجة بغير إذنها اقتضى أن يكون فاسداً ، ولأن الأعواض إنما تبذل في الأغراض الصحيحة ، وإلا كانت سفهاً ، ومن أكل المال بالباطل ، ولا غرض للأجنبي في هذا الخلع فوجب أن يكون مردوداً ، وهذا خطأ .
ودليلنا هو انه لما جاز للزوج أن يطلق بغير بذل ، وجاز للأجنبي أن يبذل له ماله بغير طلاق جاز أن يطلق الزوج على المال الذي بذله الأجنبي ، فيقول : كل من صح منه بذلك المال بغير طلاق صح بذله على الطلاق كالزوجة طرداً ، والصغيرة عكساً ، ولأن العتق كالطلاق ، يتنوع تارة بعوض ، وتارة بغير عوض ، فلما جاز أن يبذل الأجنبي مالاً في العتق ، وإن لم يملك به شيئاً جاز أن يبذل مالاً في الطلاق وإن لم يملك به شيئاً .
فأما استدلاله بأن الخلع عقد معاوضة كالبيع فالجواب عنه أنه مفارق للبيع في أحكام وإن وافقه في أحكام ، لأن المقصود بالبيع تملك المبيع ، والمقصود بالخلع إزالة ملك الزوج ، فجاز أن يزول إلى غير متملك كما يجوز أن يزيله بالطلاق المجرد إلى غير متملك بخلاف البيع .
وأما استدلاله بعدم الغرض فيه ، فخطأ ، لأن الغرض فيه موجود وقد يكون من وجوه :
أحدها : أن يراهما الأجنبي مقيمين على نكاح شبهة يؤول إلى مأثم فأحب أن يستنقذهما منهما .
والثاني : أن يراهما قد خرجا في الزوجية إلى أن صار كل واحد منهما غير مؤد للحق فيها . والثالث : أن يكون لرغبة الأجنبي في نكاحها فيستنزل بالخلع الزوج عنها .