الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص79
فإن قيل : أفليس لو قال لهما : إذا حضتما فأنتما طالقتان .
فقالتا : قد حضنا ، فكذبهما لم يقطع الطلاق فما الفرق بينهما .
قيل : الفرق بينهما أن مشيئتهما إنما هي وجود القول منهما ، وقد وجد مع التكذيب فوقع الطلاق ، ولا يكون حيضها وجود القول منهما فإذا أكذبهما فيه لم يعلم وجوده فلم يقع الطلاق .
قال الماوردي : وصورتها في رجل يقول لزوجته ، وإحداهما محجور عليها : أنتما طالقتان على الألف إن شئتما فشاءتا معاً ، طلقتا ، لأنه علق طلاقهما بوجود مشيئتين ، وقد وجدتا ، فأوجب ذلك وقوع طلاقهما ، ويكون طلاق غير المحجور عليها بائناً ، وفيما يستحقه عليها قولان :
أحدهما : مهر المثل .
والثاني : بقسط مهر مثلها من الألف .
فأما طلاق المحجور عليها فيكون رجعياً ، لأن الخلع عقد يصح مع الحجر .
فإن قيل : فإذا لم يصح خلعها فينبغي أن لا تصح مشيئتها .
قيل : المعتبر في المشيئة التمييز وفي الخلع جواز التصرف ، وللمحجور عليها تمييز فصحت مشيئتها ، ولا يجوز تصرفها فلم يصح خلعها ، فلو كانت والمسألة بحالها إحداهما مجنونة فشاءتا لم يقع طلاقهما ، لأن المجنونة لا تمييز لها ، فلم تصح مشيئتها ، وكانت كمن لم تشاء ، ولو كانت إحداهما صغيرة فشاءتا ، تطرح الصغيرة فإن كانت غير مميزة لم تصح مشيئتها ، كالمجنونة ، فلم يقع الطلاق ، وإن كانت مميزة صحت مشيئتها كالمحجور عليها ، ووقع طلاقها ، وكان طلاق الكبيرة بائناً ، وطلاق الصغيرة رجعياً .
فأما المزني فإنه رأى الشافعي قد أوجب على الجائزة الأمر مهر مثلها فقال : ( هذا يقضي على فساد تجويزه مهر أربع في عقدة بألف ، لأنه لا فرق بين مهر أربع في عقدة بألف ، وخلع أربع في عقدة بألف .