الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص78
أحدهما : خيار القبول .
والثاني : خيار الجواب .
والفرق بينهما ما ذكرناه من يسير المهلة المعتبرة بالعرف ، وإذا كان كذلك فلها ثلاثة أحوال :
أحدهما : أن يشاءا معاً في الحال ، فقد وقع الطلاق عليهما ، وصار الخلع لازماً لهما ، لأن المشيئة وإن كانت صفة لوقوع الطلاق فهي قبول للخلع فلا يحتاج معها إلى تصريح بالقبول ، وإذا صح الخلع بالمشيئة ولزم ففيما يلزمهما من العوض قولان :
أحدهما : الألف مقسطة بينهما على قدر مهور أمثالهما .
والقول الثاني : تسقط الألف ، ويلزم كل واحدة منهما مهر مثلها .
والحال الثانية : أن لا يشاءا أو لا واحدة منهما فلا طلاق ولا خلع ، لأن صفة الطلاق لم توجد فلو تمادى بهما زمان المشيئة ثم شاءتا من بعد لم يؤثر مشيئتهما لاستحقاقها على الفور من وجهين :
أحدهما : ما فيها من قبول العقد .
والثاني : ما فيها من قبول التمليك فصارت المشيئة واقعة في غير موضعها شرعاً فجرت مجرى وقوعها في موضعها شرطاً .
والحال الثالثة : أن تشاء إحداهما دون الأخرى فلا طلاق على واحدة منهما ، لأن شرط الطلاق وجود المشيئة منهما ، فإذا وجدت من إحداهما لم تكمل الصفة فلم يقع الطلاق ، وجرى ذلك مجرى قوله : أنت طالق إن شاء زيد وعمرو ، فشاء إحدهما لم تطلق .
فإن قيل : أفليس لو قال لهما أنتما طالقتان على ألف فقبلت إحداهما دون الأخرى طلقت القابلة ولم تطلق الأخرى فهلا طلقت التي شاءت ولم تطلق الأخرى
قيل : لأنه جعل مشيئتهما شرطاً فلم يوجد بمشيئة إحداهما فلم تطلق واحدة منهما ، وليس كذلك إذا طلقهما بألف فقبلت إحداهما ، لأنه لم يجعل ذلك صفة لوقوع الطلاق ولا اجتماع قبول المشتركين في العقد شرط في صحته ، بل قبول كل واحد منهما معتبر في حق نفسه ، ألا تراه لو قال لرجلين : قد بعتكما عبدي بألف فقبل أحدهما دون الآخر لزم القابل ابتياع نصف العبد بنصف الألف ، وإن لم يلزم ابتياع نصفه الآخر .
فلو قالت الزوجتان في الحال : قد شئنا فكذبهما في المشيئة ، وقع الطلاق مع تكذيبه لهما .