پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص69

قال الماوردي : قد مضى الكلام في جواز الخلع على الرضاع والكفالة ، لأن ما جازت المعاوضة عليه في غير الخلع جاز أن يكون عوضاً في الخلع والرضاع تصح الإجارة عليه لقول الله تعالى : ( فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ) [ الطلاق : 6 ] . فإن قيل كيف يجوز أن يستأجرها على رضاع ولدها ويخالعها عليه ، وقد قال رسول الله ( ص ) ( مثل الذي يقاتل عن غيره ويأخذ عليه أجراً كمثل أم موسى ترضع ولدها تأخذ عليه أجراً ) ، فضرب لك مثلاً أنه لا يجوز أن يقاتل عن غيره بأجر كما لا يجوز للمرأة أن ترضع ولدها بأجر .

قيل : رضاع الولد مستحق على الأب إذا كان باقياً دون الأم لقول الله تعالى : ( وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف ) [ البقرة : 233 ] . فكذلك الرضاع ، لأنه يقوم مقام الطعام والشراب فإن عدم الأب وجب الرضاع على الأم كما يجب نفقته عليها إذا مات الأب ، فليس لها بعد موت الأب أن تأخذ على رضاعه أجراً لوجوبه عليها ، فأما مع بقاء الأب ووجوب رضاعه عليه ، فإن كانا على الزوجية لم يكن لها أن ترضعه بأجر ، لأنه قد ملك بالاستمتاع بها ما استحق أن يمنعها من إجارة نفسها للرضاع فلم يكن لها معاوضة على الرضاع .

فأما إذا ارتفعت الزوجية فقد زال ما استحقه من منعها ، وجاز أن ترضع غير ولدها بأجر ، فجاز أن ترضع ولدها بأجر ، لأن رضاع ولدها مع بقاء الأب واجب عليه دونها ، وإذا كان كذلك صح الخلع على الرضاع ، لأنها ترضعه بعد الفراق ، وإذا صح فلا بد من تقديره بالمدة ليصير معلوماً ينتفي عنه الجهالة ، فإذا شرط عليها في الخلع رضاع ولده حولين كاملين لم تخل حالهما من حضانة الولد وكفالته والقيام بتربيته وغسل خرقة وحمله من ثلاثة أحوال :

أحدها : أن يشترط دخولها في الخلع ، أو في الإجارة فيدخل فيه وتؤخذ الأم المستأجرة به .

والثاني : أن يشترطا خروجها من الخلع ، أو من الإجارة فتخرج منه ، ولا يلزم الأم أن تؤخذ به ، وعلى الأب أن يقيم له من يخدمه ، ويقوم بحمله وتنظيفه .

والثالث : أن يطلق عقد الخلع ، أو الإجارة في الرضاع فلا يشترط دخول القيام بخدمته فيه ، ولا خروجه منه ففيه وجهان مبنيان على اختلاف وجهي أصحابنا في المقصود بعقد الإجارة .

فأحذ الوجهين : أن المقصود الرضاع والقيام بالخدمة تبع فعلى هذا يلزمها القيام بخدمته تبعاً ، لما استحق عليها من رضاعه .