الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص46
حرف النفي فقال لها : متى لم تعطني ألفاً فأنت طالق ، فاقتضى ذلك الفور على التراخي ، فمتى جاء زمان يمكنها دفع الألف فيه فلم تدفعها طلقت ، والفرق بينهما هو أن متى يختص بالزمان ، فإذا اقترن به الإثبات صار تقديره متى جاء زمان أعطيتني فيه ألفاً فأنت طالق ، فإذا أعطته بعد تراخي الزمان فقد جاء زمان دفعت فيه الألف فطلقت .
فأما إذا اقترن به حرف النفي صار تقديره متى جاء زمان لم تدفعي فيه ألفا فأنت طالق ، فإذا مضى زمان المكنة فقد جاء زمان يمكنها دفع الألف فيه فطلقت .
فأما الزوجة فليس عليها دفع الألف وهي في دفعها بالخيار لأمرين :
أحدهما : أنه موقع لطلاقها ، وليس عليها فعل ما أوقع طلاقها كما لو قال لها : إن دخلت الدار فأنت طالق لم يلزمها دخول الدار لتطلق .
والثاني : أنه قبول معاوضة فلم يجز عليها كقبول البيع .
وإذا كانت بالخيار فمتى أعطته الألف فأخذها طلقت ، وإن أعطته فلم يأخذها فإن كان لتعذر أخذها عليه إما لغيبة أو حبس أو جنون لم تطلق ، لأن الإعطاء لم يكمل ، وإن كان مع تمكنه من أخذها طلقت ، لأن الإعطاء قد وجد ، وهو التمكين من الأخذ بفعل المعطى ، وإن لم يقترن به الأخذ ، ألا تراهم يقولون : قد أعطاني فلم آخذ منه ، ثم إذا طلقت بإعطاء الألف قبل أخذها فقد استحق الألف وإن لم يأخذها ، لأنها في مقابلة ما لزمه من الطلاق ، فليس لها أن تمنعه منها بعد وقوع الطلاق عليها ، وهل يتعين استحقاقه لتلك الألف أم لا فيه وجهان :
أحدهما : قد تعين استحقاقه لتعين الطلاق بها ، فإن أرادت دفع غيرها لم يجز .
والوجه الثاني : أنه لم يتعين استحقاقه لها وإن طلقت بها لأن استحقاق العين إما أن يكون لتعينها بالعقد أو بالقبض ، ولم يوجد واحد منهما في هذه الألف فكانت بالخيار في دفعها أو دفع ألف مثلها .