پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص37

والقسم الثالث : أن لا يذكر بعد القدر جنساً ولا صفة فيقولان علي ألف ولا يقولا من أي شيء فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يكونا قد أشارا إلى جنس وصفة قد تقررا بينهما قبل العقد ، فيحملان على ذلك ، لأنه معلوم عندهما وإن كان مجهولاً عند غيرهما فإن اختلفا في ذلك تحالفا على ما مضى .

والضرب الثاني : أن لا يشيرا بذلك إلى شيء من الأجناس فهذا خلع فاسد يقع فيه الطلاق بائناً ويستحق فيه الزوج مهر المثل ، لأن إطلاق القدر يتناول كل جنس من دراهم ودنانير وثياب وعبيد فصار العوض مجهولاً فبطل ولم يبطل الخلع ، لاستهلاك البضع فيه بالطلاق ، فأوجب مهر المثل ، لأنه عن بدل فاسد .

فإن قيل : فهلا حملتم إطلاق الألف على الأغلب مما يتعامل به أهل البلد وهو الدراهم كما حملتم إطلاق الدراهم على الأغلب من دراهم البلد .

قيل : لأنه إذا لم يذكر الجنس كثرت فيه الجهالة فبطل ، وإذا ذكر الجنس قلت فيه الجهالة فصح فعلى هذا إن اختلفا في هذا القسم فهو على ضربين :

أحدهما : أن يدعي أحدهما إطلاق الألف ويدعي الآخر تعيينها بذكر الجنس فإنهما يتحالفان ، لأن مدعي إطلاق الألف يدعي مهر المثل ، ومدعي ذكر الجنس يدعيها من ذلك الجنس فيتخالفان ومدعي مثل هذا في البيع لا يوجب التخالف ، لأن أحد المتبايعين لو قال : تبايعنا هذا العبد بألف لم نسمها وقال الآخر بل بألف سميناها وذكر جنسها فلا تحالف بينهما ويكون القول قول من أنكر ذكر الجنس لأنه يذكر فساد العقد والآخر يدعي صحته ، وإذا اختلفا في صحة البيع وفساده فالقول قول من ادعى فساده دون صحته ، لأنه منكر للعقد وليس كذلك الخلع لأن الطلاق يقع في صحيحه وفاسده فتخالفا على صحيحه وفاسده .

والضرب الثاني : أن لا يدعي أحدهما ذكر الجنس ولكن يقول أحدهما : أردناه بقلوبنا ويقول الآخر : لم نرده ، أو يقول أحدهما : أردنا الدراهم ، ويقول الآخر : أدرنا الدنانير ففي جواز تحالفهما فيه وجهان :

أحدهما : لا يجوز لأن ضمائر القلوب لا تعلم إلا بالقول .

والوجه الثاني : يجوز أن يتحالفا لأنه قد يكون بينهما من أمارات الأحوال ما تدل على ضمائر القلوب كالأحوال والله أعلم .

( مسألة : )

قال الشافعي : ( فإن قالت علي ألف ضمنها لك غيري أو على ألف فلس وأنكر تحالفا وكان له عليها مهر مثلها ) .