الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص28
فإن قيل : المعنى في الأصل أن الطلاق لا يقع فيه ، لأنه غير مضاف إلى ملكه ووقع في الفرع لأنه مضاف إلى ملكه ، ولو كان قال : إن دخلت الدار وأنت زوجتي فأنت طالق فتزوجها ثم دخلت الدار طلقت ، لأنه أضاف الطلاق إلى ملكه يوضح هذا الفرق في الطلاق بين إضافته إلى ملكه فيقع وبين أن لا يضاف إلى ملكه فلا يقع اتفاقاً على مثله في النذر وهو أن يقول : إن شفى الله مريضي فلله علي أن أعتق عبد زيد فشفى الله مريضه ، وملك عبد زيد لم يلزمه عتقه ، ولو قال : إن شفى الله مريضي وملكت عبد زيد فلله علي أن أعتقه فإن شفى الله مريضه وملك عبد زيد لزمه عتقه .
والفرق بينهما : أنه في الأصل ما أضاف العبد إلى ملكه فلم يلزمه عتقه وفي الثاني أضافه إلى ملكه فلزمه عتقه كذلك الطلاق .
فالجواب عنه أنه لو كان عقد الطلاق بالصفة قبل النكاح صحيحاً كعقده بعد النكاح لم يقع الفرق قبل النكاح وبين إضافته إلى ملكه وبين إطلاقه كما لم يقع الفرق بعد النكاح بين إضافته وإطلاقه .
فإن قيل : فهو بعد النكاح مالك فأغنى وجود الملك عن إضافته إلى الملك وليس كذلك قبل النكاح لأنه غير مالك فافتقر مع عدم الملك إلى إضافته إلى الملك .
فالجواب عنه أن وجود الملك في الزوجة لا يغني عن اشتراط الملك ويفترق الحكم بين اشتراطه وعدمه وهو أن يقول لزوجته : إذا دخلت الدارفأنت طالق ، ثم خالعها فدخلت الدار بعد خلعه سقطت اليمين فلو تزوجها ثم دخلت الدار لم تطلق ولو كان قال لها إذا دخلت وأنت زوجتي فأنت طالق ، ثم خالعها ، فدخلت الدار بعد خلعه لم تسقط اليمين ، ولو تزوجها ثم دخلت الدار طلقت فقد علمت أن وجود الملك في الزوجة لا يقوم مقام اشتراط الملك فيها فبطل ما قالوه من الاستغناء بوجود الملك عن اشتراط الملك .
وأما النذر فإنما لم يلزمه إذا قال : إن شفى الله مريضي فلله علي أن اعتق عبد زيد ، لأن نذره لعتق عبد غيره معصية وقد قال ( ص ) : لا نذر في معصية ، ولزم إذا قال إن شفى الله مريضي وملكت عبد زيد فلله علي أن أعتقه لأنه نذر عتق ملكه وقد علق العتق بذمته فلزمه ، لأنه قد يتعلق بذمته ما يملكه ومثاله من الطلاق أن يقول : إن شفى الله مريضي وملكت عبد زيد فهو حر فشفى الله مريضه وملك عبد زيد لم يعتق عليه .
وقياس ثان وهو أن كل ما لم يصح منه إيقاع الطلاق المعجل لم يصح منه عقد الطلاق المؤجل كالصبي والمجنون . فإن قيل : إنما لم يصح من الصبي والمجنون لعدم التكليف وليس كذلك المكلف .