پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص27

وروي عن عبد الرحمن بن الحارث عن عمر بن شعيب أن رسول الله ( ص ) قال : ( من طلق ما لا يملك فلا طلاق له ، ومن أعتق من لا يملك فلا عتق له ، ومن نذر ما لا يملك فلا نذر له ) .

وروى عروة عن عائشة أنها قالت : بعث رسول الله ( ص ) أبا سفيان بن حرب فكان فيما عهد إليه أن لا يطلق الرجل ما لم يتزوج ولا يعيق ما لا يملك .

وهذه كلها نصوص تدل على صحة ما قلنا .

فإن قيل : فقوله ( لا طلاق قبل نكاح ) محمول على وقوع الطلاق دون عقد ، لأن اسم الطلاق يتناول وقوع الطلاق دون عقده ألا تراه لو قال لامرأته : إن طلقتك فعبدي حر ، ثم قال لها : إن دخلت الدار فأنت طالق لم يعتق عبده ، حتى تدخل الدار ، ولو كان عقد الطلاق طلاقاً لعتق فكذلك قوله ( لا طلاق قبل نكاح ) أي لا طلاق يقع قبل نكاح .

قالوا : ونحن نوقعه بعد النكاح وإن عقده قبل النكاح فالجواب عنه من ثلاثة أوجه :

أحدها : أن الطلاق إذا كان رفعاً للنكاح فمعلوم من حال الأجنبية التي لا نكاح عليها أن الطلاق لا يقع عليها فلا يحتاج فيما هو معقول إلى بيان مستفاد من الرسول .

والثاني : انه يحمل قوله ( لا طلاق قبل النكاح ) على عموم الأمرين فلا طلاق واقع ولا معقود ، لأن اللفظ يحتملها .

ألا تراه لو قال : ( لا طلاق قبل النكاح ) واقعاً ولا معقوداً ، لصح فوجب أن يكون إطلاق اللفظ محمولاً على محتمليه معاً دون أحدهما .

والثالث : انه قد نقل ما يدفع هذا التأويل ويمنع من حمله إلا على ما ذكرنا وهو ما رواه الدارقطني في سننه بإسناده عن عبد الله بن عمر عن النبي ( ص ) أنه سئل عن رجل فقال : يوم أتزوج فلانة هي طالق ، فقال : طلق ما لا يملك وروى زيد بن علي بن الحسين بإسناده أن امرأة أتت النبي ( ص ) فقالت : يا رسول الله ( ص ) إن ابني خطب امرأة ، وإن ابني قال : هي طالق إن تزوجتها فقال النبي ( ص ) مريه فليتزوجها فإنه لا طلاق قبل نكاح .

فأما استشهاده بالحالف على أن لفظ الطلاق يتناول الوقوع دون العقد ، فلأن الأيمان محمولة على الحقيقة دون العرف ، ثم يدل على ذلك من القياس أنه طلاق معلق بالصفة قبل النكاح فلم يصح وقوعه في النكاح .

أصله إذا قال لأجنبية إن دخلت الدار فأنت طالق ثم دخلت الدار بعد أن تزوجها أو قال لها : إذا جاء رأس الشهر فأنت طالق ثم جاء رأس الشهر بعد أن تزوجها لم تطلق موافقة لنا فكذلك فيما خالفنا .