پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص17

قوله : ( فإن طلقها فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) يريد الخلع ثم قال فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً فدل على أن الطلاق بعد الخلع واقع .

وقال الحسن البصري : إن طلقها في مجلس خلعه طلقت ، وإن طلقها في غيره لم تطلق . واستدل من نص قول أبي حنيفة بقول الله تعالى : ( الطلاق مرتان فإمساك ) [ البقرة : 229 ] إلى قوله : ( فإن طلقها فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) [ البقرة : 229 ] يريد الخلع ، ثم قال : ( فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره ) [ البقرة : 230 ] فدل على أن الطلاق بعد الخلع واقع .

وروى أبو يوسف في أماليه عن النبي ( ص ) أنه قال : المختلعة يلحقها الطلاق ما دامت في العدة ، ولأنها معتدة من طلاق فوجب أن يلحقها ما بقي من عدد الطلاق كالرجعية ، ولأن الطلاق كالعتق لسراينهما ، وجواز أخذ العوض عليهما ، والخلع كالكتابة لثبوت العوض فيهما ، ثم ثبت أن المكاتب إذا أعتق صح عتقه لبقايا أحكام الملك ، وجب إذا طلقت المختلعة أن يصح طلاقها لبقايا أحكام النكاح .

ولأن المختلعة كالمتظاهر منها لتحريمها ، وبقايا أحكام نكاحها ، فلما صح طلاق المتظاهر منها وجب أن يصح طلاق المختلعة ، ودليلنا قول الله تعالى : ( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) [ البقرة : 229 ] فجعل التسريح لمن له الإمساك ، فلما لم يكن لزوج المختلعة إمساكها ، لم يكن به تسريحها وطلاقها ولأنه إجماع الصحابة لأنه مروي عن عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن الزبير ، وليس لهما مخالف ، ولأن الطلاق إذا لم يرفع نكاحاً ولم يسقط رجعة كان مطرحاً كالمطلقة بعدة العدة ، ولأنها امرأة لا تحل له إلا بنكاح جديد فلم يلحقها طلاقه كالأجنبية .

فإن قيل : الأجنبية ليس بينها وبينه شيء من أحكام النكاح ، فلم يلحقها الطلاق ، والمختلعة يجري عليها من أحكام النكاح وجوب العدة واستحقاق السكنى ولحوق النسب فجاز أن يلحقها الطلاق .

فالجواب عنه : أن وجوب العدة ولحوق النسب من أحكام الوطء دون النكاح .

ألا ترى لو طلقها قبل الدخول لم تعتد ، ولو طلقها عقب نكاحه ، فقال : قد قبلت نكاحها هي طالق لم يلحق به الولد ، ولو وطئها بشبهة من غير نكاح وجبت عليها العدة ولحق به الولد ، فدل على أن العدة ولحوق النسب من أحكام الوطء دون النكاح ، وليس كذلك الطلاق ، لأنه من أحكام النكاح دون الوطء .