الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص14
قال الماوردي : ومقدمة هذه المسألة أن الخلع ما استحق فيه العوض ، وسقطت فيه الرجعة وأن الخلع يتم بالعوض الصحيح والفاسد والمعلوم والمجهول لكن إن كان العوض صحيحاً كان المسمى في العقد هو المستحق وإن كان فاسداً فالمستحق فيه مهر المثل فامتنع بما ذكرنا أن يجتمع في الفرقة بالخلع استحقاق العوض وثبوت الرجعة ، فإن استحق العوض سقطت الرجعة وإن استحقت الرجعة سقط العوض .
فإذا ثبت هذا فصورة هذه المسألة في رجل خالع امرأته على طلقة بدينار على أن له الرجعة فشرط لنفسه الدينار والرجعة واجتماعهما متنافيات وإذا كان هكذا فلا بد من اثبات أحدهما وإسقاط الأخرى فالذي نص عليه الشافعي ثبوت الرجعة وسقوط الدينار فيقع الطلاق رجعياً ولا شيء له .
وقال المزني يقع الطلاق بائناً لا رجعة فيه ، ويكون للزوج مهر المثل ، فاختار ذلك مذهباً لنفسه ، وذكر انه قياس قول الشافعي . ونقل الربيع هذه المسألة ونقل جوابها ، كما نقله المزني أن الطلاق يقع رجعياً ولا شيء للزوج ، ثم قال : وفيه قول آخر أن الطلاق يقع بائناً ويكون للزوج مهر المثل فحكى قولاً ثانياً كالذي اختاره المزني .
فاختلف أصحابنا في تخريجه قولاً للشافعي فقال بعضهم : هو قول ثان للشافعي لأن الربيع ثقة فيما يرويه ، وقال الأكثرون : ليس بقول للشافعي وإنما خرجه الربيع احتمالاً ، ولم يحكيه نقلاً ، فليس للشافعي إلا القول الذي نقله المزني عنه ، ووافقه الربيع عليه أن الطلاق يقع رجعياً ولا شيء للزوج ، والدينار مردود على الزوجة .
فأما المزني فإنه استدل لصحة ما ذهب إليه من وقوع الطلاق بائناً واستحقاق مهر المثل بأربعة أشياء :
أحدها : أن الخلع في مقابلة النكاح ، لأن النكاح عقد والخلع حل ثم ثبت أن الشرط الفاسد في النكاح يوجب ثبوت النكاح وسقوط الشرط ووجوب مهر المثل ، وجب أن يكون الشرط الفاسد في الخلع موجباً لثبوت الخلع وسقوط الشرط واستحقاق مهر المثل .
والثاني : أن ما أثبت الرجعة من الطلاق لو شرط سقوطها فيه لم يسقط ، وجب أن يكون ما انتفت عنه الرجعة من الطلاق إذا شرط ثبوتها فيها لم تثبت .
والثالث : أن الشافعي قد قال نصا في الإملاء ، لو خالعها على طلقة بمائة على أنها متى شاءت أخذت المائة وراجعها وقع الطلاق بائنا لا رجعة فيه ، وكان له مهر المثل كذلك في مسألتنا لاتفاقهما في الشرط .