پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص11

جمهور الفقهاء . وحكي عن الحسن البصري ومحمد بن سيرين أن الخلع لا يصح إلا بسلطان احتجاجاً بقوله تعالى : ( فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) [ البقرة : 229 ] . وأول الكلام خطاب للحكام وهو قوله : ( فإن خفتم ألا يقيما حدود الله ) وآخره خطاب للأزواج ، وهو قوله : ( فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) فدل على أن حضور الحاكم شرط فيه كما أن حضور الأزواج شرط فيه ، ولأن النبي ( ص ) تولى الخلع بين حبيبة وثابت ولو جاز لهما التفرد بذلك لوكله إليهما ودليلنا قول الله تعالى : ( فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئاً مريئاً ) فكان على عمومه وروى عبد الله بن شهاب أن امرأة خالعت زوجها بألف درهم فرفع ذلك إلى عمر رضي الله عنه فأجازه ، وخالعت الربيع بنت معوذا بن عفراء زوجها بجميع ملكها فأجازه عثمان وأمره أن يأخذ ما دون عقاص الرأس ولأنه عقد معاوضة فلم يفتقر إلى حكم حاكم كالبيع والنكاح ، ولأنه تملك البضع بالنكاح لا يفتقر إلى حكم حاكم ، فكذلك تمليكه بالخلع أولى أن لا يفتقر إلى حكم حاكم لأن شروط النكاح أغلظ من شروط الخلع .

فأما قوله ( فإن خفتم ألا يقيما حدود الله ) فهو خطاب للأزواج لأنه معطوف به على قوله : ( ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً ) وهذا خطاب للأزواج ، وكذلك المعطوف عليه فلم يكن في الآية دليل . وأما خلع النبي ( ص ) بين حبيبة وزوجها فلأنهما تخاصما إليه قبل الخلع ، فصار الخلع تبعاً للتخاصم ، ولأن بيان حكم الخلع شرعاً مأخوذ عنه ، فجاز أن يتولاه وليس كذلك غيره من حكام أمته .

( مسألة : )

قال الشافعي : ( فإن قيل فإذا كان طلاقا فاجعل له الرجعة قيل له لما أخذ من المطلقة عوضاً وكان من ملك عوض شيء خرج من ملكه لم يكن له رجعة فيما ملك عليه فكذلك المختلعة ) .

قال الماوردي : وهذا صحيح فرقة الخلع لا يملك فيها الرجعة وإن كانت المختلعة في العدة سواء خالعها بلفظ الخلع أو لفظ الطلاق ، وسواء قيل إن الخلع فسخ أو طلاق وهو قول جمهور الفقهاء ، وحكي عن سعيد بن المسيب والزهري أن الخلع يقطع الرجعة غير أن الزوج بالخيار بين أن يتمسك بالمال فتسقط الرجعة وبين أن يرد المال فتثبت له الرجعة ، وقال أبو ثور : إن خالعها بلفظ الطلاق فله الرجعة ، وإن خالعها بلفظ الخلع فليس له الرجعة لأن الخلع عنده فسخ استدلالاً بأن العتق يوجب الولاء ، كما أن الطلاق