الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص4
والثاني : أنه من الزوجة أن لا تطيع له أمراً ، ومن الزوج ألا يؤدي لها حقاً .
ثم قال : فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ، فيه تأويلان :
أحدهما : فيما افتدت به نفسها من الصداق الذي أعطاها لا غير ، وهو قول علي بن أبي طالب عليه السلام . والثاني : من جميع مالها وهو قول عمر بن الخطاب وابن عباس رضي الله عنهما .
وقال تعالى : ( فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً ) يعني من الصداق ( فكلوه هنيئاً مريئاً ) فإذا أباح أن يأخذ ما طابت به نفساً من غير طلاق كان بالطلاق أولى .
ويدل عليه من السنة ما رواه الشافعي عن مالك عنه يحيى بن سعيد عن عمرة أن حبيبة بنت سهل أخبرتها أنها كانت عند ثابت بن قيس بن شماس ، وأن رسول الله ( ص ) خرج لصلاة الصبح فوجدها عند بابه بالغلس ، فقال : من هذه ؟ فقلت : أنا حبيبة بنت سهل . قال : ما شأنك ؟ . قلت : لا أنا ولا ثابت لزوجها ، فلما جاء ثابت بن قيس قال له رسول الله ( ص ) هذه حبيبة بنت سهل ، تذكر ما شاء الله أن تذكر ، فقالت حبيبة : يا رسول الله كل ما أعطاني عندي ، فقال رسول الله ( ص ) خذ منها ، وجلست في أهلها . يعني خذ منها وطلقها .
فدل هذا الحديث على أحكام منها : جواز استماع الدعوى على غائب .
ومنها : أن المدعي إذا عرف الدعوى لم يحتج الحاكم أن يعيدها عليه .
ومنها : جواز الخلع وإن كان الزوج قد ضربها ، وإذا لم يكن الضرب لأجل الخلع . ومنها : جواز الخلع في الحيض والطهر لأنه لم يسأل عن حالها .
ومنها : أنه لا رجعة على المختلعة لأمره لها بالجلوس في أهلها .
فدل على ما ذكرناه من الآية والخبر على جواز الخلع وهو قول الجماعة وحكي عن بكر بن عبد الله المزني أن الخلع منسوخ بقوله تعالى : ( وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً ، أتأخذونه بهتاناً وإثما مبيناً ) فدلت هذه الآية على تحريم الخلع ونسخ ما تقدم من إباحته ، وهذا خطأ ، لأن هذه الآية منعت من أخذ ما لم تطب به نفساً ولم تمنع مما بذلته بطيب نفس واختيار كما قال : ( فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً ) وقد روى عبد الله بن محمد بن عقيل أن الربيع بنت