الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص580
قال الماوردي : قد ذكرنا بأن المجنونة إذا خاف على نفسه منها سقط قسمها ، فأما الذي لا يخاف على نفسه من جنونها فالقسم لها واجب ، لأن فيه إلفاً لها وسكناً ، فإن امتنعت عليه بالجنون جرى عليها حكم النشوز وإن لم تأثم ، وسقط بذلك قسمها ونفقتها ، لأنها في مقابلة استمتاع قد فات عليها بامتناعها وإن عذرت ، لأن حقوق الآدميين تستوي في الوجوب مع العذر والاختيار ، ألا ترى أن المؤجر إذا امتنع من تسليم ما أجر لعذر أو غير عذر سقط حقه من الأجرة ثم إذا سقط قسمها بالامتناع قسم بين الباقيات من نسائه ، وكذلك لو نشزت عليه وهي عاقلة سقط حقها ، وكان القسم لمن سواها ، فلو أقلعت عن النشوز عاد قسمها معهن كالذي كان .
قال الماوردي : اعلم أنه لا يخلو حال سفرها من أحد أمرين : إما أن تكون مع الزوج أو منفردة عنه ، فإن سافرت مع الزوج كانت على حقها من النفقة والقسم ثم ينظر فإن سافر بها بالقرعة لم يقض باقي نسائه ما أقام معها ، وإن كان بغير قرعة قضاهن مدة سفرها معه وإن سافرت منفردة فعلى ضربين :
أحدهما : بإذنه .
والثاني : بغير إذنه .
فإن سافرت بغير إذنه فلا قسم لها ولا نفقة ، وهي في سفرها آثمة وصارت أسوأ حالاً من المقيمة الناشزة ، وإن سافرت بإذنه فقد قال الشافعي هاهنا لها القسم والنفقة وقال في كتاب النفقات لا نفقة لها ولا قسم ، فاختلف أصحابنا في ذلك على طريقين :
أحدهما : وهي طريقة أبي حامد الإسفراييني أن ذلك على اختلاف قولين :
أحدهما : وهو المنصوص عليه في هذا الموضع لها القسم والنفقة ، لأنها لما خرجت بإذنه من المأثم خرجت من حكم النشوز .
والقول الثاني : وهو المنصوص عليه في النفقات لا قسم لها ولا نفقة ، لأنهما في مقابلة استمتاع قد فات عليه وإن عذرت .
والطريقة الثانية : وهي طريقة أبي حامد المروزي أنه ليس على اختلاف قولين ، وإنما هو على اختلاف حالين فالذي قاله هاهنا في وجوب القسم لها محمول على أنها