پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص573

في القلوب من المحبة فلا تميلوا كل الميل في أن تتبعوا أهواءكم وأفعالكم ( فَتَذَرُوهَا كَالمُعَلَقَةِ ) ، وهي التي ليست بزوجة ولا مفارقة .

فدلت هذه الآية على أنه عليه التسوية بينهن فيما يقدر عليه من أفعاله في القسم والإيواء ، وليس عليه التسوية بينهن فيما لا يقدر عليه من المحبة والشهوة فكذلك الجماع .

وقال مالك : يؤخذ الزوج بجماع امرأته في كل مدة ليحصنها ويقطع شهوتها ، فإن أطال ترك جماعها ، وحاكمته إلى القاضي فسخ النكاح بينهما إن لم يجامع وأوجب عليه قوم أن يجامعها في كل أربع ليال مرة ، لأنه قد أبيح له نكاح أربع فصارت تستحق من كل أربعة أيام يوماً وبهذا حكم كعب بن سور بحضرة عمر – رضي الله تعالى عنه – فاستحسن ذلك منه وولاه قضاء البصرة فكان أول قاضٍ قضى بها .

وكلا المذهبين عندنا غير صحيح لما ذكرناه ، ويجوز أن يكون كعب توسط فيما حكم به بين الزوجين عن صلح ومراضاة وكما لا يجبر على جماعها ، فكذلك لا يجبر على مضاجعتها ولا على تقبيلها ومحادثتها ولا على النوم معها في فراش واحد ، لأن هذا كله من دواعي الشهوة والمحبة التي لا يقدر على تكلفها ، وإنما يختص زمان القسم بالاجتماع والألفة .

مسألة

قال الشافعي : ‘ وعماد القسم الليل لأنه سكن فقال : ( أَزْوَاجاً لِتَسْكُنْوا إِلَيْهَا ) .

قال الماوردي : وهذا كماقال ، على الزوج في زمان القسم أن يأوي إليها ليلاً ، وينصرف لنفسه نهاراً ، لأن الليل زمان الدعة والإيواء والنهار زمان المعاش والتصرف ، قال الله تعالى : ( وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً ) ( النبأ : 10 – 11 ) . وفي اللباس تأويلان :

أحدهما : الإيواء في المساكن وإلى سكنه فصار كاللابس لمسكنه ولزوجته .

والثاني : أنه يتغطى بظلمة الليل كما يتغطى باللباس .

وقال تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ) ( الروم : 21 ) . والسكن يكون في الليل ، ولأن الليل زمان الدعة والإيواء فوجب أن يكون عمدة القسم ، ولأن السيد لو زوج أمته لزمه تمكين الزوج منها ليلاً ، وكان له استخدامها نهاراً فعلم أن الليل عماد القسم ، فلا يجوز له في الليل أن يخرج فيه من عند