الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص569
وهذا صحيح ، لأن تأدية الحق بالكراهية وعبوس الوجه وغليظ الكلام ليس من المعروف .
ثم قال : ‘ فأيهما مطل فمطل الغني ظلم ‘ .
وهذا صحيح ، لأن القادر على أداء الحق ظالم بتأخيره قال النبي ( ص ) : ‘ مطل الغني ظلم ‘ ثم يدل على ما ذكرناه من طريق السنة ما روى موسى بن عقبة عن صدقة بن يسار عن ابن عمر أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ أيها الناس إن النساء عندكم عوان أخذتموهن بأمانة الله استحللتم فروجن بكلمة الله فلكم عليهن حق ، ولهن عليكم حق ومن حقكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً ولا يعصينكم في معروف ، فإذا فعلن ذلك فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف ‘ فكان القسم من جملة المعروف الذي لهن .
وروى أبو هريرة عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل ‘ .
وروى عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ‘ فالرجل راع لأهله وهو مسؤول عنهم .
وروي عن النبي ( ص ) أنه كان يقسم بين نسائه ، ويقول : ‘ اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما لا أملك ‘ يعني قلبه .
وروي أن النبي ( ص ) لما مرض طيف به على نسائه محمولاً فلما ثقل أشفقن عليه فحللنه من القسم ليقم عند عائشة رضي الله تعالى عنه لميله إليها فتوفي عندها ( ص ) فلذلك قالت عائشة رضي الله تعالى عنها توفي رسول الله ( ص ) بين سحري ونحري ، وفي يومي ولم أظلم فيه أحداً ، فدل هذا على وجوب القسم وتغليظ حكمه .
أحدهما : أن يكون له زوجتان فأكثر ليصح وجوب التسوية بينهما بالقسم فإن كان له زوجة واحدة فلا قسم عليه ، وهو بالخيار بين أن يقيم معها فهو أولى به لأنه أحصن لها ، وأغض لطرفها ، وبين أن يعتزلا فلا مطالبة لها .
والشرط الثاني : أن يريد المقام عند إحداهما فيلزمه بذلك أن يقيم عند الأخرى مثل ما أقام عندها تسوية بينهما فيلزمه حينئذ القسم بينهما ، فأما إن اعتزلهما سقط القسم بينهما ، لأنه قد سوى بينهما في الاعتزال لهما كما سوى بينهما في القسم لهما فلم يجز الميل إلى إحداهما ، والله أعلم .