الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص568
قال الشافعي رحمه الله : ‘ قال الله تبارك وتعالى : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الِّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) ( البقرة : 228 ) ( قال الشافعي ) وجماع المعروف بين الزوجين كف المكروه وإعفاء صاحب الحق من المؤنة في طلبه لا بإظهار الكراهية في تأديته فأيهما مطل بتأخيره فمطل الغني ظلمٌ ‘ .
قال الماوردي : اعلم أن الله تعالى أوجب للزوجة على زوجها حقاً حظر عليه النشوز عنه كما أوجب له عليها من ذلك حقاً حظر عليها النشوز عنه قال الله تعالى : ( قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ ) ( الأحزاب : 50 ) . إشارة إلى ما أوجبه لها من كسوة ونفقة ، وقسم ، قال تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) ( النساء : 19 ) . فكان من عشرتها بالمعروف تأدية حقها والتعديل بينهما ، وبين غيرها في قسمها قال تعالى : ( وَلَنْ تَسْتَطيِعُواْ أَنْ تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالمُعَلَقَةِ ) ( النساء : 129 ) . وقال تعالى : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ ) ( البقرة : 228 ) . فبين الله تعالى أن لهن حقاً ، وأن عليهن حقاً ، ولم يرد بقوله : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ ) ( البقرة : 228 ) في تجانس الحقين وتماثلهما ، وإنما أراد في وجوبهما ولزومهما فكان من حقها عليه وجوب السكنى والنفقة والكسوة .
ثم فسر الشافعي قوله بالمعروف : فقال : ‘ وجماع المعروف بين الزوجين كف المكروه ، وإعفاء صاحب الحق من المؤنة في طلبه ‘ .
وهذا صحيح ، لأنه ليس فعل المكروه من المعروف المأمور به بين الزوجين ولا إلزام المؤنة في استيفاء الحق معروف .
ثم قال : ‘ لا بإظهار الكراهية في تأديته ‘ .