پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص563

والحال الثانية : أن لا يقدر على إزالته ففرض الإجابة قد سقط ، وأولى أن لا يحضر وفي جواز حضوره وجهان :

أحدهما : وهو الأظهر أنه لا يجوز لما في حضوره من مشاهدة المنكر والريبة الداخلة عليه ، وقد قال النبي ( ص ) : ‘ دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ‘ .

والوجه الثاني : يجب له الحضور وإن كره له ؛ لأنه ربما أحشمهم حضوره فكفوا وأقصروا وقد حكي أن الحسن البصري ، ومحمد بن كعب القرطي دعيا إلى وليمة فسمعا منكراً فقام محمد لينصرف فجذبه الحسن ، وقال : اجلس ولا يمنعك معصيتهم من طاعتك .

وإن لم يعلم بما في الوليمة من المعاصي فعليه الإجابة ، ولا يكون خوفه منها عذراً في التأخير عنها لجواز أن لا يكون ، فإن حضر وكانت بحيث لا يشاهدها ولا يسمعها أقام على حضوره ، ولم ينصرف وإن سمعها ولم يشاهدها لم يتعمد السماع وأقام على الحضور ؛ لأن الإنسان لو سمع في منزله معاصٍ من دار غيره لم يلزمه الانتقال عن منزله كذلك هذا ، وإن شاهدها جاز له الانصراف ولم يلزمه الحضور إن لم ترفع وفي جواز إقامته مع حضورها إذا صرف طرفه عنها مما ذكرنا من الوجهين .

مسألة

قال الشافعي : ‘ فإن رأى صوراً ذات أرواحٍ لم يدخل إن كانت منصوبةً وإن كانت توطأ فلا بأس فإن كان صور الشجر فلا بأس وأحب أن يجيب أخاه وبلغنا أن النبي ( ص ) قال : ‘ لو أهدي إلى ذراع لقبلت ولو دعيت إلى كراعٍ لأجبت ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح وإذا كان في الوليمة صور فهي ضربان :

أحدهما : أن يكون صور شجر ونبات ، وما ليس بذي روح فلا تحرم ، لأنها كالنقوش التي تراد للزينة ، وسواء كانت على مسدل من بسط ووسائد أو كانت على مصان من ستر أو جدار ولا يعتذر بها المدعو في التأخر .

والضرب الثاني : أن تكون صور ذات أرواح من أدمي أو بهيمة فهي محرمة وصانعها عاصٍ لما روي عن النبي ( ص ) لعن المصور ، وقال : ‘ يؤتي به يوم القيامة فيقال له انفخ فيه الروح ، وليس بنافخ فيه أبداً ‘ .

وقد حكي عن عكرمة في تأويل قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) ( الأحزاب : 57 ) أنهم أصحاب التصاوير وإذاً عملها محرم على صانعها فالكلام في تحريم استعمالها وإباحته معتبر بحال الاستعمال ، فإن كانت