الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص562
ومنها التسمية على الطعام قبل مد يده ، والحمد لله بعد رفعها فقد فعل النبي ( ص ) ذلك وأمر به .
ومنها : أن يأكل مما يليه ولا يمد يده إلى ما بعد عنه ولا يأكل من ذروة الطعام ، فقد روى سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي ( ص ) قال : ‘ البركة في ذروة الطعام فكلوا من حواليها ‘ وإذا وضع استباح الحاضرون أكله ، وإن لم يؤذن لهم قولاً اعتباراً بالعرف وأن ما تقدم من الدعاء إذن فيما تأخر من الطعام ، واختلف أصحابنا متى يستحق الحاضر ما يأكله حتى يصير أملك به من ربه على ثلاثة أوجه :
أحدها : إذا أخذ اللقمة من الطعام بيده صار بها أحق وأملك لها ؛ لأن حصولها في اليد قبض فلا يجوز أن تسترجع منه .
والوجه الثاني : أنه لا يصير أحق بها وأملك لها إذا وضعها في فمه ، فأما وهي بيده فمالك الطعام أحق بها ؛ لأن الإذن في الأكل ولا يكون ذلك إلا بعد الحصول في الفم .
والوجه الثالث : أن لا يصير أحق بها وأملك إلا بعد مضغها ، وبلعها ، لأن الإذن يضمن استهلاكه بالأكل ولا يجلس بعد فراغه من الأكل إلا عن إذن لقول الله تعالى : ( فَإِذَا طِعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا ) ( الأحزاب : 53 ) .
وروى واصل بن السائب عن أبي سورة وعن عطاء بن أبي رباح قالا قال رسول الله ( ص ) : ‘ ألا حبذا المتخللون من أمتي ‘ ، قالوا : وما المتخللون ، قال : ‘ المتخللون من الطعام ، والمتخللون بالماء في الوضوء ‘ .
قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا دعي إلى وليمة وفيها خمور أو ملاهي أو ما أشبه ذلك من المعاصي فلا يخلو أن يكون عالماً به قبل حضوره أو غير عالم ، فإن علم به قبل حضوره فله حالتان :
أحدها : أن يقدر على إنكاره وإزالته فواجب عليه أن يحضر لأمرين :
أحدهما : لإجابة الداعي .
والثاني : لإزالة المنكر .