پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص557

ولأنها لو وجبت لكان مأخوذاً بفعلها حياً ، ومأخوذة من تركته ميتاً كسائر الحقوق وكان بعض أصحابنا يتوسط في وجوبها مذهباً معلولاً ، ويقول هي في فروض الكفايات إذا أظهرها الواحد في عشيرته أو قبيلته ظهوراً منتشراً سقط فرضها عمن سواه وإلا خرجوا بتركها أجمعين ، وهذا فاسد من ثلاثة أوجه :

أحدها : أن ما وجب من حقوق النكاح تعين كالولي والشاهدين .

والثاني : أن ما تعلق بحقوق الأموال الخاصة عم وجوبه كالزكوات أو عم استحبابه كالصدقات .

والثالث : أن فروض الكفاية مختص بما عم سنته كالجهاد أو ما تساوى فيه الناس كغسل الموتى وهذا خاص معين فلم يكن له في فروض الكفاية مدخل .

فصل

فإذا تقرر ما وصفنا من وجوبها أو استحبابها انتقل الكلام إلى ما يلزم المدعو إليها من الإجابة فالظاهر من مذهب الشافعي أن الإجابة إليها واجبة ، وقال بعض أصحابنا : أن الإجابة إليها مستحبة وليست بواجبة ؛ لأنها تقتضي أكل الطعام وتملك مال ولا يلزم أحد أن يتملك مالاً بغير اختياره ، ولأن الزكوات مع وجوبها على الأعيان لا يلزم المدفوعة إليه أن يتملكها فكان غيرها أولى .

والدليل على ما ذهب إليه الشافعي من وجوب الإجابة ما روى نافع عن ابن عمر أن النبي ( ص ) قال : ‘ من دعي إلى وليمة فلم يجب فلقد عصى الله ورسوله ومن جاءها بغير دعوة دخل سارقاً وخرج مغيراً ‘ .

وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ أجيبوا الداع فإنه ملهوف ‘ .

وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ لو أهدي إلي ذراع لقبلت ولو دعيت إلى كراع لأجبت ‘ .

وروي أبو هريرة أن النبي ( ص ) قال : ‘ شر الطعام الولائم يدعى إليها الأغنياء ويحرمه الفقراء والمساكين ‘ .

ولأن في الإجابة تآلفاً وفي تركها ضرراً وتقاطعا .

فصل

فإذا ثبت أنها واجبة فسواء قيل إن فعلها واجب أو مستحب في وجوب الإجابة إليها ؛ لأن رد السلام واجب وإن كان ابتداء السلام غير واجب ، وهل يكون وجوبها من فروض الأعيان أو من فروض الكفاية على وجهين :