پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص556

ووليمة المأدبة : هي الوليمة لغير سبب .

فإن خص بالوليمة جميع الناس سميت جفلى ، وإن خص بها بعض الناس سميت نقرى قال الشاعر :

( نحن في المشتاة ندعو الجفلى
لا ترى الآدب فينا ينتقر )

فهذه الستة ينطق اسم الولائم عليها ، وإطلاق اسم الوليمة يختص بوليمة العرس ويتناول غيرها من الولائم بقرينه ؛ لأن اسم الوليمة مشتق من الولم ، وهو الاجتماع ؛ ولذلك سمي القيد الولم ، لأنه يجمع الرجلين ، فتناولت وليمة العرس لاجتماع الزوجين فيها ثم أطلقت على غيرها من الولائم تشبيهاً بها ، فإذا أطلقت الوليمة تناولت وليمة العرس ، فإن أريد غيرها قيل : وليمة الخرس ، أو وليمة الإعذار ، وقد أفصح الشافعي بهذا ، ثم لا اختلاف بين الفقهاء أن وليمة غير العرس لا تجب .

فأما وليمة العرس فقد علق الشافعي الكلام في وجوبها ؛ لأنه قال : ‘ ومن تركها لم يبن لي أنه عاص كما يبين لي في وليمة العرس ‘ .

فاختلف أصحابنا في وجوبها على وجهين ، ومنهم من خرجه على قولين :

أحدهما : أنها واجبة ، لما روي أن النبي ( ص ) رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر الخلوق ، فقال له مهيم – أي ما الخبر – قال : أعرست فقال له : أولمت قال : لا قال : أولم ولو بشاة . وهذا أمر يدل على الوجوب ، ولأن النبي ( ص ) ما أنكح قط إلا أولم في ضيق أو سعة ، وأولم على صفية في سفره بسويق وتمر ولأن في الوليمة إعلان للنكاح فرقاً بينه وبين السفاح ، وقد قال النبي ( ص ) : ‘ أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالدف ‘ ، ولأنه لما كانت إجابة الداعي إليها واجبة دل على أن فعل الوليمة واجب ، لأن وجوب المسبب دليل على وجوب السبب ألا ترى أن وجوب قبول الإنذار دليل على وجوب الإنذار .

والثاني : وهو الأصح أنها غير واجبة لقول النبي ( ص ) ‘ ليس في المال حق سوى الزكاة ‘ ؛ ولأنه طعام لحادث سرور فأشبه سائر الولائم .

ولأن سبب هذه الوليمة عقد النكاح وهو غير واجب ، ففرعه أولى أن يكون غير واجب .

ولأنها لو وجبت لتقدرت كالزكاة والكفارات ؛ ولكان لها بدل عند الإعساء كما يعدل المكفر في إعساره إلى الصيام فدل على عدم تقديرها وبدلها على سقوط وجوبها .