پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص543

فإن قيل : الصوم والإحرام مانع فلم يتم التسليم .

قيل : الجب والعنة أبلغ في المنع ، ولا يمنع من التسليم الموجب لكمال المهر عندهم بالخلوة ، على أنه لو وطئ في الصيام والإحرام لكمل المهر واستقر ، فجاز أن تكون الخلوة لو أوجبت كمال المهر في غير الإحرام موجبة لكماله في الإحرام كالوطء .

على أن صوم التطوع يصير عندهم واجباً بالدخول فيه ، ولا يمنع الخلوة فيه من كمال المهر عندهم ، فكذلك غيره من صوم الفرض .

على أن الإجارة مقدرة بالزمان ، فجاز أن تستقر الأجرة بالتمكين فيه لتقضيه ، وليس النكاح مقدراً بالزمان فلم يستقر المهر فيه بالتمكين إلا بانقضاء زمانه بالموت أو بالوطء في حال الحياة ؛ لأنه مقصود بالعقد .

وأما قياسهم على الوطء : فالمعنى في الأصل استيفاء حقه بالوطء وليس كذلك الخلوة .

وأما استدلالهم بالنفقة : فالجواب عنه أن النفقة مقابلة بالتمكين دون الوطء ولذلك وجب لها النفقة مع التمكين في الصيام والإحرام وليس كذلك المهر ؛ لأنه في مقابلة الوطء لأنهم لا يكملون المهر بالخلوة في حال الإحرام والصيام .

فصل

واستدل من نصر قول مالك : أن الخلوة يد لمدعي الإصابة من الزوجين بأن الخلوة في دعوى الإصابة تجري مجرى اللوث في القسامة ، وذلك موجب لتصديق المدعي فكذلك الخلوة ، ولأن الإصابة مما يستسره الناس ولا يعلنونه فتعذرت إقامة البينة عليها ، فجاز أن يعمل فيها على ظاهر الخلوة الدالة عليها في قبول قول مدعيها ، كما يقبل قول المولى في دعوى الإصابة ، والدليل عليه : قول النبي ( ص ) : ‘ البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه ‘ فكان على عمومه .

ولأن اختلاف الزوجين في الإصابة لا يوجب ترجيح من يدعيها بالخلوة ، كما لو خلا بها ليلة في بيتها .

فأما استدلاله في ذلك باللوث فغير معتبر في ترجيح الدعوى في الأموال ، وإن كان معتبراً في ترجيح الدعوى في الدماء .

وأما قبول قول المولى في دعوى الإصابة ؛ فلأن الأصل فيه ثبوت النكاح فلم تصدق الزوجة في استحقاق فسخه ، والأصل هاهنا براءة الذمة وعدم العدة فلم يصدق مدعي استحقاقهما .