الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص540
فَرَضْتُمْ ) فإن احتج محتجٌ بالأثر عن عمر رضي الله عنه في إغلاق الباب وإرخاء الستر أنه يوجب المهر فمن قول عمر ما ذنبهن لو جاء بالعجز من قبلكم ؟ فأخبر أنه يجب إذا خلت بينه وبين نفسها كوجوب الثمن بالقبض وإن لم يغلق باباً ولم يرخ ستراً ‘ .
قال الماوردي : وصورتها ؛ أن يطلق الرجل زوجته المسمى لها صداقاً معلوماً ، فلا يخلو حال طلاقه من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكون قبل الدخول بها وقبل الخلوة ، وليس لها من المهر إلا نصفه ، وملك الزوج نصفه لقوله تعالى : ( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ ) ( البقرة : 237 ) .
والقسم الثاني : أن يطلقها بعد الدخول بوطء تام تغيب به الحشفة ، فقد استقر لها جميع المهر الذي كانت مالكة له بالعقد ؛ لقول الله تعالى : ( وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ ) ( النساء : 21 ) .
وهذان القسمان متفق عليهما .
والقسم الثالث : أن يطلقها بعد الخلوة بها وقبل الإصابة لها ، فقد اختلف الفقهاء فيه على ثلاث مذاهب :
أحدها : وهو قول الشافعي في الجديد والمعمول عليه من مذهبه : أنه ليس لها من المهر إلا نصفه ، ولا تأثير للخلوة في كمال مهر ولا إيجاب عدة .
وبه قال من الصحابة : ابن عباس ، وابن مسعود .
ومن التابعين : الشعبي ، وابن سيرين ، ومن الفقهاء : أبو ثور .
والمذهب الثاني : أن الخلوة كالدخول في كمال المهر ووجوب العدة ، وبه قال من الصحابة : عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم .
ومن التابعين : الزهري ومن الفقهاء ؛ الثوري وأبو حنيفة وبه قال الشافعي في القديم .
إلا أن أبا حنيفة يعتبر الخلوة التامة في كمال المهر ووجوب العدة بأن لا يكونا محرمين ولا صائمين .
والمذهب الثالث : أن الخلوة يد لمدعي الإصابة منهما في كمال المهر أو وجوب العدة ، فإن لم يدعياها لم يكمل بالخلوة مهر ولا يجب بها عدة وهذا مذهب مالك ، وبه قال الشافعي في الإملاء .