الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص536
قال مالك : وأقل ما يدفعه إليها ليستبيح به إصابتها أقل ما يجوز أن يكون صداقاً وهو ربع دينار .
وهذا فاسد ؛ لقول النبي ( ص ) : ‘ اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، وكما لو كان صداقاً مؤجلاً ‘ .
والحال الثانية : أن يبدأ الزوج بتسليم الصداق إليها فعليها تسليم نفسها إليه ، فإن امتنعت صارت ناشزاً ولا نفقة لها .
والحال الثالثة : أن يتمانعا فتقول الزوجة : لا أسلم نفسي حتى أقبض صداقي ، ويقول الزوج : لا أدفع الصداق حتى تسلمي نفسك ففيه قولان :
أحدهما : أنه لا يجبر واحد منهما على التسليم ، بل تقطع الخصومة بينهما ويتركان ، فأيهما تطوع بتسليم ما عليه أجبر الآخر على تسليم ما في مقابلته ، وإنما لم يبدأ بإجبار واحد منهما ؛ لأن لكل واحد منهما حقاً وعليه حق ، فلم يكن الحق الذي عليه في البداية باستيفائه منه بأولى من الحق الذي له في البداية باستيفائه له فتساوى الأمران ، فوجب تركهما وقطع التخاصم بينهما .
والقول الثاني : أن الحاكم ينصب لهما أميناً ، ويأمر الزوج بتسليم الصداق إليه ، فإذا تسلمه أمر الزوجة بتسليم نفسها إلى الزوج ، فإذا سلمت نفسها سلم الأمين الصداق إليها ، لأن الحاكم موضوع لقطع التنازع وفعل الأحوط في استيفاء الحقوق ، وهذا أحوط الأمور فيها وأقطع للتنازع بينهما .
وهذان القولان في تنازع المتبايعين في التسليم ، وفي البيع قول ثالث : أنه يجبر البائع على تسليم السلعة ، ويجبر المشتري على تسليم الثمن .
ولا يجيء تخريج هذا القول الثالث في تنازع الزوجين ؛ لأن المشتري يمكن أن يحجر عليه في السلعة حتى يسترجع منه إن امتنع من تسليم الثمن ، ولا يمكن إذا سلمت الزوجة نفسها أن يمنع منها ، وربما استهلك بضعها بالدخول قبل تسليم صداقها .
وإذا قيل بالقول الثاني : أن الحاكم يجبر الزوج على تسليم الصداق إلى أمين ينصبه لهما فلها النفقة في مدة امتناعها من تمكينه إلى أن يدفع الصداق إلى الأمين ؛ لأنها ممتنعة