الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص533
فلذلك لم يحده سن مقدرة ، وإذا كان الاستمتاع بها غير ممكن لم يلزم تسليمها إليه ، ولم يلزمه تسليم الصداق إليها .
فإن طلب تسليمها إليه ليقوم بحضانتها وتربيتها لم يلزم تسليمها إليه أيضاً ، لأنه لا حق له في حضانتها ، وإنما حقه في الاستمتاع الذي يخلق فيها ، فيستحقه الزوج منها ، ولأنه لا يؤمن أن تغلبه الشهوة على مواقعتها ، فربما أفضى إلى تلفها ونكايتها .
فلو سأله وليها وهي صغيرة أن يتسلمها لم يلزمه ؛ لأن ما استحقه من الاستمتاع بها لم يخلق فيها ، ولأنها تحتاج إلى تربية وحضانة لا يلزمه القيام بها ، ولأنه يلتزم لها نفقة لا يقابلها الاستمتاع ، والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا صحيح لأنه مال ثبت في الذمة بعقد فكان ديناً كالأثمان ، ومراد الشافعي بأنه كالدين في لزومه في الذمة كلزوم الدين ، وأنه قد يكون حالاً تارة ، ومؤجلاً تارة ، ومنجماً أخرى ، وأنه قد يجوز أن يستوثق فيه بالرهن والضمان ، والشهادة ، وأن الحوالة به جائزة ، وأن أخذ العوض عنه سائغ ، وأنه قد يجوز أن يبتاع فيه العقار ، وأن الزوج يحبس به إذا امتنع من أدائه ، وأن الزوجة تضرب به مع الغرماء عند فلسه ، وتتقدم به على الورثة بعد موته إلى غير ذلك من أحكام الديون المستحقة .
قال الماوردي : وهذه مسألة من النفقات ذكرها لاتصالها بالصداق ، وليس يخلو حال الزوجين في استحقاق النفقة والصداق من أربعة أقسام :
أحدها : أن يكونا كبيرين .
والثاني : أن يكونا صغيرين .
والثالث : أن يكون الزوج كبيراً والزوجة صغيرة .
والرابع : أن يكون الزوج صغيراً والزوجة كبيرة .
فأما القسم الأول وهو : أن يكونا كبيرين : فلها أن تمتنع من تسليم نفسها على قبض الصداق ، وله أن يمتنع من تسليم الصداق لتسليم نفسها ، فأيهما سلم ما في ذمته أجبر الآخر على تسليم ما في مقابلته ، وإن أقاما على التمانع فسنذكر حكمه من بعد .
وأما النفقة فلها ثلاثة أحوال :
أحدها : أن تمكنه من نفسها فلا يستمتع بها فلها النفقة .