الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص528
– فأما الصحيح : فالإبراء منه صحيح ، لأنه إبراء من واجب معلوم .
– وأما الفاسد : فالإبراء منه فاسد ؛ لأنه الفاسد لا يجب ، فصار إبراءً من غير واجب ، والواجب لها في الفاسد مهر المثل ، فلو سلم الصداق الفاسد إليها فردته عليه هبة له لم تصح الهبة ؛ لأنه ماله ردته عليه وهي على حقها من مهر المثل ، فلو أبرأته من مهر المثل روعي علمها بقدره ، فإن جهلت قدره فالإبراء باطل ، سواء علم الزوج قدره أو لم يعلم ، وإن علمت قدره صح الإبراء ، سواء علم الزوج قدره أو لم يعلم ؛ لأن قبوله غير معتبر فكان علمه بقدره غير معتبر .
وعلى قول من زعم من أصحابنا أن قبول الزوج معتبر فعلمه بقدره معتبر ،
أحدهما : أنه يبرأ منها لكونها معلومة القدر .
والوجه الثاني : لا يبرأ منها ؛ لأنها بعض جملة مجهولة فجرى على جميعها حكم الجهالة كما لو ضمن ما يعلم بعضه ويجهل جميعه كان ضمان الجميع باطلاً .
فإن كان مهر مثلها مجهول القدر معلوم الطرفين ، مثل أن تعلم أنه لا ينقص عن عشرة دنانير ولا يزيد على عشرين ديناراً فللبراءة منه حالان .
حال بالإبراء ، وحال بالأداء .
فأما الإبراء : فالطريق إلى صحته أن تقول : قد أبرأتك من دينار إلى عشرين ديناراً ، فيبرأ ، لأن العلم بالطرفين يجعل الوسط ملحقاً بهما فلو أبرأته من الزيادة على العشرة إلى العشرين صح وصار ما تستحقه عليه من المهر عشرة دنانير .
فلو قالت : قد أبرأتك من عشرة إلى عشرين برئ من الجميع ، لأن الحدين يدخلان في المحدود إذا جانساه ، فالحد الأول : هو المبتدأ منه ، والحد الثاني : هو المنتهي إليه .
وقال أبو حنيفة : يدخل فيه الحد الأول المبتدأ منه ولا يدخل فيه الحد الثاني المنتهي إليه ، فيبرأ من تسعة عشر ديناراً .
وقال زفر بن الهذيل : لا يدخل فيه واحد من الحدين ، لا المبتدأ منه ولا المنتهي إليه فيبرأ من تسعة دنانير .