الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص527
قال الماوردي : اعلم أن إبراء المرأة لزوجها من الصداق معتبر بشرطي الإبراء :
أحدهما : أن يكون بعد وجوب الحق ، فإن كان قبل وجوبه لم يصح ، كمن عفى عن الشفعة قبل الشراء لم يصح العفو .
والثاني : أن يكون من معلوم القدر ، فإن كان الإبراء من مجهول لم يصح . وكذلك الضمان لا يصح إلا بهذين الشرطين :
أن يكون بعد وجوب الحق ، وأن يكون معلوم القدر .
وأسقط أبو حنيفة اعتبار هذين الشرطين في الضمان ، وجوز الإبراء من المجهول .
وللكلام عليه موضع غير هذا . وإذا كان كذلك فالنكاح ضربان :
أحدهما : نكاح تفويض .
والثاني : نكاح غير تفويض .
فأما نكاح التفويض الذي لم يسم لها فيه مهراً إذا أبرأت زوجها من صداقها فيه فعلى ضربين :
أحدهما : أن يكون بعد أن فرض لها فيه مهر ، فالإبراء صحيح ؛ لأنها أبرأته من واجب معلوم .
والضرب الثاني : أن يكون قبل أن فرض لها فيه مهر ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن تبرئه قبل الدخول بها ، فالإبراء باطل ، لأنها أبرأته مما لم يجب ؛ لأن مهر المفوضة لا يجب بالعقد وإنما يجب بالفرض أو بالدخول .
والضرب الثاني : أن يكون بعد الدخول بها فقد وجب لها مهر المثل ، فإن علمت قدره صح الإبراء ولم تفتقر إلى القبول على مذهب الشافعي وجمهور أصحابه .
وقال بعضهم : لا يتم إلا بقبول الزوج ، وهو مذهب أبي حنيفة ، وإن لم تعلم قدره بالإبراء باطل ، لأن البراءة من المجهول باطلة .