الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص501
وحكي عن بعض الفقهاء السبعة بالمدينة أنه إن كان قبل الزفاف فالقول قولها ، وإن كان بعد الزفاف فالقول قوله .
وقال مالك : إن كان قبل الدخول فالقول قولها ، وإن كان بعد الدخول فالقول قوله استدلالاً بالعرف أنها لا تسلم نفسها غالباً إلا بعد قبض المهر ، فكان الظاهر بعد الدخول والزفاف مع الزوج فقبل قوله ، وقبل الدخول والزفاف مع الزوجة فلم يقبل قوله .
وهذا فاسد لقول النبي ( ص ) : ‘ البينة على المدعي واليمين على من أنكر ‘ والزوج مدع فكلف البينة ، والزوجة منكرة فكلفت اليمين ، ولأن من ثبت في ذمته حق لغيره لم يقبل قوله في دفعه كالديون .
فأما الاعتبار بالعادة فغير صحيح ، لأن عادات الناس فيه مختلفة ، ثم لو اتفقت لما تعلق بها حكم ، ألا ترى أن مشتري السلعة إذا ادعى دفع ثمنها بعد قبضها لم يقبل قوله ، وإن جرت العادة بأن السلعة لا تسلم إليه إلا بعد قبض الثمن منه .
ولو ادعى الراهن قضاء الدين بعد رد الرهن عليه ، لم يقبل قوله ، وإن جرت العادة أن الرهن لا يرد إلا بعد قبض الدين ، كذلك الزوجة .
قال الماوردي : وهذا كما قال .
إذا دفع الزوج إليها مالاً ثم اختلفا فيه فقالت الزوجة : أخذته هبة وصداقي باق ، وقال الزوج : بل دفعته صداقاً .
فالقول قول الزوج ، سواء كان من جنس الصداق أو من غيره ، وسواء كان مما جرت العادة بمهاداة الزوج بمثله أم لا .
وقال مالك : إن كان مما جرت العادة أن يهديه الزوج للزوجة كالثوب والمقنعة والطيب والحلي ، فالقول قولها مع يمينها اعتباراً بالعرف ولها المطالبة بمهرها .
وهذا خطأ ، لأن الأموال لا تتملك على أربابها بالدعاوى ، ولأنها لو ادعت هبة ذلك وقد قبضت مهرها لم يقبل قولها فكذلك قبل قبضه .
وقد مضى الجواب عما استدل به من العرف .