الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص484
فإذا تقرر أن المهر يلزم بفرضهما كما يلزم بفرض الحاكم ، فإن فرضاه مع علمهما بقدر المثل صح ، وجاز أن يفرضا مهل المثل ، وأكثر منه ، وأقل ، وأن يعدلا إلى عوض من ثوب ، أو عبد ، بخلاف الحاكم الذي لا يجوز أن يعدل عن جنس المهر ومقداره ، لأن فرض الزوجين كالتسمية في العقد ، وإن فرضاه مع جهلهما بمهر المثل ففي جوازه قولان :
أحدهما : وهو قوله في الجديد : أنه لا يجوز الفرض ، ويكون باطلاً كالتي لم يفرض لها ، كما لو فرضه الحاكم ، وهو غير عالم ، ولأنه يتضمن معنى الإبراء من مجهول .
والقول الثاني : وهو قوله في القديم ، أنه يجوز ، ويصح الفرض ، لأنه معتبر بالمسمى في العقد ، وإن جهلا مهر المثل ، كذلك ما فرضاه بعد العقد .
وهذان القولان يترتبان على اختلاف قوليه في الذي يجب لها ، هل هو مهر المثل ، أو هو مطلق ؟ .
فإن قيل : مهر المثل ، لم يصح فرضهما ، إلا بعد علمهما به .
وإن كان مهر مطلق صح فرضهما مع الجهل به .
وإذا وجب بالدخول ، فتقديره يكون لحكم الحاكم ، وإن تقدم وجوبه على حكمه ، فيكون حكمه مقصوراً على تقديره دون إيجابه ، وحكمه فيما تقدم مشتمل على التقدير والإيجاب .
فإن قدره الزوجان لم يصح تقديرهما إلا مع علمهما به ، قولاً واحداً ، لأن المهر هاهنا قيمة مستهلك ، فإن جهلاه أو أحدهما لم يصح تقديره ، وكان على إرساله بعد وجوبه .
قال الشافعي : واستحب أن لا يدخل بها ، إلا بعد فرض المهر ، ليكون مستمتعاً بمهر معلوم ، وليخالف حال الموهوبة التي خص بها رسول الله ( ص ) .