الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص480
ومن طريق القياس : أن ما استقر به كمال المسمى استحق به مهر المثل في المفوضة كالدخول ، ولأن ما أوجبه عقد النكاح بالدخول أوجبه بالوفاة كالمسمى ، ولأنه أحد موجبي الدخول فوجب أن يستحق بالوفاة كالعدة .
ودليل القول الثاني : وهو الأصح .
إن لم يثبت حديث بروع ، ما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ أدوا العلائق ‘ . قيل : وما العلائق ؟ قال : ‘ ما تراضى به الأهلون ‘ . فدل على أن المستحق بالعقد ما تراضى به الأهلون دون غيره .
ومن طريق القياس : أنه فراق مفوضة قبل فرض وإصابة ، فلم يستحق به مهر كالطلاق ، ولأن الموت سبب يقع به الفرقة ، فلم يجب به المهر ، كالرضاع والردة ، ولأن من لم ينتصف صداقها بالطلاق لم يستفد بالموت جميع الصداق كالمبرئة لزوجها من صداقها ، ولأن كل ما لم ينتصف بالطلاق لم يتكمل بالموت ، كالزيادة على مهر المثل .
فأما حديث بروع فقد اختلف في ثبوته . فذهب قول إلى ضعفه ، وأنه مضطرب غير ثابت من ثلاثة أوجه :
أحدها : اضطراب طرقه ، لأنه روي تارة عن ناس من أشجع ، وهم مجاهيل ، وتارة عن معقل بن يسار ، وتارة عن معقل بن سنان ، وتارة عن الجراح بن سنان . فدل اضطراب طرقه على وهائه .
والثاني : أن علياً بن أبي طالب رضي الله عنه أنكره ، وقال : حديث أعرابي يبول على عقبيه ، ولا أقبل شهادة الأعراب على رسول الله ( ص ) .
والثالث : أن الواقدي ، طعن فيه وقال هذا الحديث ورد إلى المدينة من أهل الكوفة ، فما عرفه أحد من علماء المدينة .
وذهب آخرون إلى صحة الحديث لاشتهاره ، وقبول ابن مسعود له ، ووروده عن ثلاثة طرق صحيحة .
أحدها : منصور بن إبراهيم ، عن علقمة ، عن ابن مسعود .
والثاني : داود بن أبي هند عن الشعبي ، عن علقمة .
والثالث : عن خلاس ، وأبي حسان ، عن عبد الله بن عتبة .
وليس اختلاف أسماء الراوي قدحاً ، لأن معقل بن يسار بن سنان مشهور في الصحابة ، وهو المنسوب إليه نهر معقل بالبصرة تبركاً باسمه حين اختفره زياد لأنه كان من بقايا الصحابة .
ومن كان بهذه المنزلة في بقايا الصحابة وجمهور التابعين لم يدفع حديثه .