الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص477
فأما الفصل الأول : وهو ما تجب به المتعة ففيه قولان :
أحدهما : وهو قوله في القديم : أنها تجب بالعقد ، لأن متعة المفوضة بدل من مهر غير المفوضة ، والمهر يجب بالعقد ، فكذلك المتعة .
والقول الثاني : وهو قوله في الجديد : أنها تجب بالطلاق لا بالعقد ، وهذا أصح ، لأن حالها قبل الطلاق مترددة بين وجوب المهر أو المتعة ، فدل على أن بالطلاق وجبت المتعة . ولأن الله تعالى قرن المتعة بالطلاق ، فدل على وجوبها بالطلاق ، قال الله تعالى : ( فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعُكُنَّ وَأُسَرِّحُكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً ) ( الأحزاب : 28 ) . ويكون على هذا القول في الكلام تقديم وتأخير ، وتقديره : فتعالين أسرحكن وأمتعكن .
وعلى القول الأول الكلام على نسقه ، ليس فيه تقديم ولا تأخير .
وقال أبو حنيفة : هي مقدرة بنصف مهر المثل ، ولا يجوز أن يكون أقل من خمسة دراهم ، لأنه نصف أقل ما يكون مهراً عنده .
وهذا فاسد ، لأن التحديد بنصف المهر إن لم يوجد شرعاً ، فليس في الاجتهاد ما يقتضيه ، ولا نجعله بالنصف أخص منه بالثلث أو الربع ، فإن قيل : لأن غير المدخول بها تستحق نصف الصداق .
قلنا : فقد أوجبت الصداق وأسقطت المتعة .
وفي إجماعنا على إيجاب المتعة وإسقاط الصداق دليل على الفرق بين المتعة والصداق .
وليس ما استحسنه الشافعي من قدر ثلاثين درهماً قولاً بالاستحسان الذي ذهب إليه أبو حنيفة ، ومنع منه الشافعي ، لأنه قرنه بدليل ، وهو يمنع من استحسان بغير دليل .
أحدهما : تعتبر بحال الزوج وحده ، في يساره ، وإعساره ، كالنفقة ، لقوله تعالى : ( عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى المُقْتِرِ قَدَرُهُ ) ( البقرة : 236 ) . كما قال في النفقة : ( لِيُنْفِق ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا أَتَاهُ اللهُ ) ( الطلاق : 7 ) .
فعلى هذا يكون تأويل قول الشافعي ، ‘ وما رأى الولي بقدر الزوجين ‘ .