الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص476
والثالثة : قوله ‘ حقاً ‘ والحقوق ما وجبت .
والرابعة : قوله ‘ على المحسنين ‘ ، وعلى من حروف الإلزام . وقال تعالى : ( وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ ) : فجعل ذلك لهن بلام التمليك فدل على استحقاقهن له . ثم قال : ‘ بالمعروف ‘ فقدره . وما لا يجب فليس بمقدر ، ثم جعله ‘ حقاً على المتقين ‘ فدل على أن من منع فليس بمتق .
فإن قيل : فلم خص المتقين بالذكر وهو على المتقين ، وعلى غيرهم .
قيل : عنه جوابان :
أحدهما : أنه خصهم بالذكر تشريفاً ، وإن كان عام الوجوب ، كما قال : ( هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ) ( البقرة : 2 ) .
والثاني : ما حكاه ابن زيد ، أن لنزول هذه الآية سبباً وهو أنه لما قال ‘ حقاً على المحسنين ‘ قال رجل فإن أحسنت فعلت ، وإن لم أرد أن أحسن لم أفعل ، فأنزل الله تعالى : ( وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى المُتَّقِينَ ) ولأن بوجوب المتعة قال عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما ، وليس يعرف لهما في الصحابة مخالف ، فصار إجماعاً .
ولأن وقوع الفرقة بالطلاق يمنع من خلو النكاح من بدل كذات المهر .
فأما قياسهم على الموت : فالمعنى في الميتة أنه لم يخل نكاحها من بدل ، فلذلك خلا من متعة ، وليس كذلك المطلقة .
وأما قولهم إن تأثير الطلاق سقوط المال فذاك في ذات المهر ، فأما في غيرها فتأثيره ثبوت المال .
قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا ثبت وجوب المتعة للمفوضة ، فالكلام فيها يشتمل على فصلين :
أحدهما : في مفوضة لم يفرض لها مهر .
والثاني : في مفوضة قد فرض لها مهر .
فأما التي لم يفرض لها مهر ، فهي مستحقة المتعة ، والكلام في استحقاقها يشتمل على ثلاثة فصول :
أحدهما : فيما تجب به المتعة .
والثاني : في قدر المتعة .
والثالث : فيمن تعتبر به المتعة .