الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص470
وإن قلنا : إنه كان لازماً للابن صار كالصداق المعين فيكون للأب به وجهان :
وإن كان الأب ما سلم الصداق إلى الزوجة حتى طلقت فعلى ضربين :
أحدهما : أن يكون الصداق معيناً ، فللزوجة نصفه ، والنصف الآخر يعود إلى الأب دون الابن ؛ لأنها هبة من الأب لم يقبضها فلذلك لم يملكها الابن عليه .
والضرب الثاني : أن يكون في الذمة ، فإن قيل : إنه لازم للأب لزوم ضمان فقد برئ الأب من نصف ، لأن الابن قد برئ منه بطلاقه ، وبراءة المضمون عنه توجب براءة الضامن .
وإن قيل : إنه لازم للأب لزوم تحمل ففي براءته منه وجهان من اختلاف الوجهين في المعين هل للأب أن يرجع به على الابن أم لا ؟
فإن قيل : إنه لو كان معيناً رجع به على الابن برئ الأب منه إذا كان في الذمة .
وإن قيل : لو كان معيناً لم يرجع به ، لم يبرأ منه إذا كان في الذمة وكان للأب مطالبته به .
فإن كان بإذن ابنه فهو في حكم الهبة ، وهل للأب أن يرجع به على الابن إذا وجده بعينه أم لا ؟ على ما ذكرنا من الوجهين .
وإن كان الأب دفع ذلك بغير إذن الابن ، فهو خارج عن حكم الهبة إلى حكم الإبراء ، والإسقاط ؛ لأن الابن بالغ ، لا يصح أن ينوب الأب عنه في قبول هبة ، ولا قبضها .
فعلى هذا ليس للأب أن يرجع بها إذا وجدها بعينها وجهاً واحداً .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن المولى بالسفه لا يجوز أن يتزوج بغير إذن وليه ، لأن وقوع الحجر عليه قد منعه من التصرف في العقود ، فإن تزوج فالنكاح باطل ، فإن لم يدخل بها فرق بينهما ، ولا أرش عليه وإن دخل بها فلا حد عليه لمكان الشبهة فإن جاءت بولد لحق به .
فأما المهر : فعلى ضربين :
أحدهما : أن يكون قد أكرهها على نفسها فعليه مهر مثلها ، لأن إكراهه لها كالجناية منه يضمن بها .