الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص463
كالوصايا بجوز الرجوع فيها بالقول ، أو قيل إنه كالعتق بالصفات لا يجوز الرجوع فيه إلا بالفعل ، لأن الرجوع في التدبير إنما يصح إذا كان من جهة السيد المدبر لا من غيره ، ورجوع الزوج فيه يكون إبطالاً للتدبير من غير السيد فلم يجز .
والقول الثالث : أنه يجوز للزوج أن يرجع بنصفه ، إذا قيل : إن التدبير وصية يجوز الرجوع فيها بالقول ، ولا يجوز له الرجوع بنصفه إذا قيل : إن التدبير عتق بصفة لا يجوز الرجوع فيه إلا بالفعل ، فيكون حكم الزوج في إبطاله معتبراً بالزوجة .
فإذا تقررت هذه الأقاويل الثلاثة ، فإن قلنا : ليس لها الرجوع بنصفه كان له الرجوع عليها بنصف قيمته . وإذا قلنا : له الرجوع بنصفه فله الخيار دونها بين المقام والفسخ لعلتين .
إحداهما : أن بقاء نصفه على التدبير نقص في قيمته .
والثاني : أنه ربما حاكم مولاته إلى حنفي يرى لزوم تدبيره .
فإن أقام فهو حقه ، وإن فسخ رجع عليها بنصف قيمته .
فعلى هذا لو لم يرجع الزوج بنصف قيمته حتى عجز المكاتب وعاد عبداً فهل يرجع الزوج بنصفه أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : يرجع به لوجوده في ملكها .
والوجه الثاني : لا يرجع لأن حقه وقت الطلاق قد كان في قيمته .
ولكن لو لم يطلقها إلا بعد عجزه وعوده إلى الرق ، كان له الرجوع بنصفه وجهاً واحداً .
ولو كانت الزوجة قد وهبته أو رهنته ثم طلقها ، فإن لم تكن قد أقبضته في الرهن والهبة فالعقد فيه لم يلزم في الرهن ولا في الهبة ، فللزوج أن يرجع بنصفه ، ولها إقباض النصف الأخر في الرهن والهبة ، وإن كانت قد أقبضته في الرهن والهبة فقد خرج بالقبض في الهبة من ملكها ، فيرجع الزوج بنصف قيمته وقد صار وثيقة في حق المرتهن فلم يجز إبطال وثيقته فيرجع الزوج بنصف قيمته .
فلو لم يرجع بها حتى أفكته من رهنه ففي رجوعه بنصفه وجهان : وهكذا لو باعته ثم ابتاعته ، أو وهبته ثم استوهبته كان في رجوع الزوج بنصفه وجهان .
ولو كان قد أجرته لم تمنع إجارته من رجوع الزوج بنصفه ، لأن عقد الإجارة على منفعته ، ورقبته باقية على ملكها ، فيكون الزوج لنقض الإجارة بالخيار بين الرجوع بنصفه والتزام الإجارة إلى انقضاء مدتها ، وبين العدول عنه إلى الرجوع بنصف قيمته .