الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص462
فأما المزني فإنه جعل الأولى بقولي الشافعي أن يكون العقد باطلاً فيهما ، واستشهد بالبيع والإجارة ، وبالبيع والكتابة ، ولا شاهد فيهما ، لأن كل ذلك على قولين .
وحكي عن المزني أنه ذهب إلى جواز العقد فيهما . وأن جعل الأولى على قول الشافعي أن يكون باطلاً فيهما ، ولكلا القولين وجه قد مضى . والله أعلم .
قال الماوردي : وصورتها أن يصدقها عبداً فتدبره بأن تقول له : إذا مت فأنت حر ، وتقول : أنت مدبر ، تريد به أنها إذا ماتت فهو حر ، فقد صار مدبراً . وللرجوع فيه قولان :
أحدهما : وبه قال في القديم ، وأحد قوليه في الجديد : إن التدبير كالوصايا . ولها الرجوع فيه بالقول مع بقائه على ملكها بأن تقول : قد رجعت في تدبيرك ، أو أبطلته فيبطل التدبير مع بقائه على الملك كما تبطل الوصايا بالرجوع .
والقول الثاني : وهو قوله الثاني في الجديد : إن التدبير يجري مجرى العتق بالصفات وليس لها الرجوع فيه بالقول ، ولها إبطاله بالفعل ، وهو أن تخرجه عن ملكها ببيع أو هبة فيبطل .
فإذا تقرر هذان القولان وطلقها الزوج بعد تدبيره فهذا على ضربين :
أحدهما : أن تكون قد أبطلت تدبيره ، إما بالقول على القول الأول ، و بالفعل على القول الثاني ، فللزوج أن يرجع بنصفه ، وهل له فيه الخيار أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : لا خيار له ، لأنه قد صار بإبطال التدبير عبداً قناً .
والوجه الثاني : له الخيار ، لأن المدبر ربما حاكم مولاته بعد إبطالها لتدبيره إلى حنفي لا يرى إبطال التدبير ، فيحكم عليها بالتزامه ، فعلى هذا يكون الزوج لأجل ذلك مخيراً بين أخذ نصفه وبين أن تفسخ ، ويرجع عليها بنصف قيمته .
والضرب الثاني : أن يكون على تدبيره عند طلاق الزوج ، لم تبطله الزوجة بالقول ولا بالفعل ، ففي رجوع الزوج بنصفه ثلاثة أقاويل .
أحدها : له الرجوع بنصفه ، سواء قيل إن التدبير كالوصايا يجوز الرجوع فيه بالقول ، أو قيل إنه كالعتق بالصفات التي لا يجوز الرجوع فيه إلا بالفعل لبقاء المدبر على ملكها ، وأن لها إزالة ملكها عند مختارة بالبيع ، فلأن يجوز إزالة ملكها عنه جبراً برجوع الزوج أولى .
والقول الثاني : ليس له الرجوع بنصفه ، ويعدل عنه إلى بدله ، سواء قيل إن التدبير