الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص459
قلنا : الفرق بينهما أن خروج الهبة عن ملك الابن قد أسقط حق الأب في الرجوع بها لأنه لا يرجع في الهبة ، ولا ببدلها ، فلم يكن له بعد سقوط حقه من الرجوع أن يرجع بها وليس كذلك الصداق ، لأن زوال ملك الزوجة عنه ما أسقط حق الزوج منه ، لأنه إن لم يرجع به رجع ببدله فلذلك إذا عاد إلى ملكها رجع بنصفه .
والقسم الثاني : أن يكون الشفيع قد عفا عن الشفعة فللزوج أن يرجع بنصفه ، لأنه عين ما أصدق ، وهكذا لو كان الشفيع ، قد أخذه بالشفعة ثم رده عليها بعيب كان للزوج أن يرجع بنصفه .
والقسم الثالث : أن يكون الشفيع غائباً لم يعلم بالشفعة ، ولا عفا عنها حتى طلق الزوج ، ففي أحقهما بالتقديم وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي : أن الزوج أحق لحضوره بالمطالبة ، وأن استحقاقه بنص الكتاب والإجماع ، فعلى هذا ترجع في نصفه ، ويكون للشفيع إذا قدم أن يأخذ نصفه بنصف مهر المثل ، وليس له أن يأخذ من الزوج نصفه الذي ملكه بالطلاق ، لأنه ملكه بغير عوض .
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة : أن الشفيع أحق ، لأن حقه أسبق فعلى هذا يرجع الزوج عليها بنصف قيمة الشقص .
فإن قال الزوج : أنا أصبر حتى يحضر الشفيع ، فإن عفا أخذت نصف الشقص لم يكن ذلك لأمرين :
أحدهما : لأن حقه قد صار في القيمة .
والثاني : لأن لا تبقى ذمة الزوجة مرتهنة به .
فلو لم يأخذ القيمة حتى حضور الشفيع ، فعفا عن الشفعة ، ففي استحقاق الزوج لنصفه وجهان :
أحدهما : لا حق له فيه ، لأن حقه قد صار في القيمة .
والثاني : له أخذ نصفه تعليلاً بأن ذمتها تبرأ به ، ولكن لو أخذ الزوج القيمة ثم عفا الشفيع لم يكن للزوج فيه حق ، لاستيفائه لحقه . والله أعلم .
قال الماوردي : وأصل هذه المسألة أن العقد الواحد إذا جمع عقدين يختلف حكم