الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص453
ضمان على الزوج فيهما ، لأنه وإن تعدى فليس لعدوانه أرش يضمن ، كما لو كان غاصباً وليس بزوج .
فإن زادت قيمتهما بالعمل فالزيادة للزوجة دون الزوج ولا أجرة للزوج في عمله ، لأنه تبرع به وتعدى فيه .
وإن نقص الصقر بطرحه على الثمرة ، ونقصت الثمرة بطرحها في الصقر فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون قد تناهى نقصهما واستقر ، فللزوجة أن تأخذهما وترجع على الزوج بأرش نقصانهما ، ولا خيار لها في الصقر والثمرة ، لأنه نقص في مغصوب قد جبر بالأرش .
والضرب الثاني : أن يكون نقصهما لم يتناه ولم يستقر ، وكلما ملا عليهما وقت بعد وقت حدث فيهما نقص بعد نقص ففيه قولان كالغاصب للطعام إذا بله وكان نقصه لا يتناهى فهو على قولين ، كذلك هذا .
أحد القولين : وهو الظاهر من منصوص الشافعي : أنه يصير كالمستهلك فيكون للزوجة أن تطالبه بمثل الثمرة إن كانت ثمراً له مثل ، وبمثل الصقر ، إن كان سيلاناً لم تمسه النار ، ولا خالطه الماء ، وإن لم يكن لهما مثل ، لأن الثمرة كانت رطباً والصقر قد مسه النار ، أو خالطه الماء ، فلها الرجوع بقيمة الصقر وقيمة الثمر .
وإن كان لأحدهما مثل وليس للآخر مثل رجعت بمثل ذي المثل ، وقيمة غير ذي المثل فلو رضيت الزوجة بنقصان ثمرتها وصقرها أقرت عليها ، ولم ترجع ببدلهما .
والقول الثاني : – وهو تخريج الربيع وهو أصح القولين عندي :
إنهما لا يصيران مع بقاء العين مستهلكين ، وما يحدث من النقصان فيما بعد فمظنون مجوز . وربما أرادت الزوجة أكل ذلك واستهلاكه قبل نقصانه .
وإذا كان كذلك رجعت بأرش نقصهما في الحال ، ثم كلما حدث فيهما نقص رجعت بأرشه وقتاً بعد وقت .
فإذا أخذت منه أرش نقصهما في الحال وأبرأته من أرش نقصهما في ثاني حال ففي صحة براءته منه وجهان : أحدهما : لا يصح ، لأنه أبرأ مما لم يجب .
والثاني : يصح ، ويكون الإبراء كالإذن .
وهذا الوجهان من اختلاف وجهي أصحابنا فيمن حفر بئراً في أرض لا يملكها فأبرأه المالك من ضمان ما يقع فيها .
فهذا حكم نقص الثمرة والصقر .
فأما إن نقص الصقر دون الثمرة : فلها أخذ الثمرة ، ويضمن نقص الصقر على ما مضى .